احتجاجات إسرائيل تهز حكومة نتنياهوخرج السبت الماضي مئات الآلاف من المحتجين إلى شوارع إحدى مدن الشرق الأوسط مطالبين بالتغيير فقد سئموا من النخبة الحاكمة واتهموا حكومتهم بأنها لم تعد تستمع إلى شعبها.
لم تكن هذه المدينة في مصر أو ليبيا أو تونس، هذه المرة كانت في إسرائيل.
كانت الحكومة الاسرائيلية تأمل في أن تختفي وتتلاشي الاحتجاجات التي بدأت منذ ثلاثة أسابيع ولكن ذلك لم يحدث.
ما حدث هو أن ما يقدر بحوالي 300 ألف شخص انضموا إلى الاحتجاجات في شتى أنحاء إسرائيل.
وكما فعل نظراؤهم في ميدان التحرير في قلب العاصمة المصرية القاهرة اتخذ المتظاهرون الإسرائيليون وسط تل أبيب مركزا لهم.
ريفيتال لين كوهين إمرأة اسرائيلية متعلمة كانت تعمل في مهنة المحاماة وشاركت في الاحتجاجات بالرغم من أنها باعترافها الشخصي لم تكن لتصدق أنها ستشارك فيها يوما ما.
ولكن كوهين اضطرت إلى المشاركة بسبب معاناتها فهي أم لطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة واضطرت لترك العمل حتى ترعى ابنها ولكنها لا تجد المساندة من الحكومة.
ولهذا قررت كوهين أن تقضي أسبوعا داخل إحدى الخيام التي انتشرت وسط تل أبيب وقالت " أنا أشعر بيأس شديد، فنحن نعيش في دولة حيث نقوم بدفع الضرائب ونبذل قصارى جهدنا ولكن وصل بي الحال أن أتسول من والدي وأطلب منهم المال حتى أقدر على العيش".
شكاوى المحتجين كثيرة ومختلفة وتعد كل خيمة من خيام المعسكر الذي نصبوه على امتداد شارع روتشيلد وسط تل أبيب موطنا لمجموعات مختلفة، كل مجموعة لديها مطلبها الخاص.
فتجد خيمة خاصة بآباء يطلبون المساعدة في رعاية أبنائهم المعاقين مثل حالة ريفيتال كوهين وبجانبها خيمة أخرى للطلاب وعلى مقربة منهم تقع خيمة للعائلات التي لا تستطيع تحمل تكاليف استئجار منزل بسيط يأويهم.
احتجاجات إسرائيل تهز حكومة نتنياهو
ولكن الجميع اتفق على التظاهر احتجاجا على شيء واحد وهو غلاء المعيشة.
ويقول منتقدو هذه الاحتجاجات أن مطالب المحتجين غير واقعية وبخاصة أن المشكلة أعمق وأكبر فهي أزمة مالية عالمية.
أما الفريق الآخر فيرى أن هذه الاحتجاجات معركة من أجل روح إسرائيل وتوجهاتها.
ويقول هذا الفريق إن حركة الاحتجاجات لا تحمل طابعا سياسيا، فهي ليست عن الوضع بين الإسرائيليين والفلسطينيين إنما هي تمثل قلق الإسرائيليين من أن تخسر بلادهم كل إحساس بالمسؤولية الأخلاقية والجماعية.
وتناولت وسائل الإعلام الإسرائيلية حركة الاحتجاجات وبالطبع عقدت بعض المقارنات البسيطة بثورات الربيع العربي وذلك على الرغم من أن الأهداف والظروف مختلفه ولكن وجه التشابه هو أن "مارد الاحتجاجات قد خرج من القمقم".
وتعد إسرائيل إحدى الدول التي تسيطر فيها جماعة صغيرة على ثروات كبيرة بشكل مبالغ فيه.
وقد يقول منتقدو الاحتجاجات أن هذا الأمر في حد ذاته شيء مألوف فهناك دول كثيرة تجد فيها تفاوت في الدخل بين الأفراد.
ولكن ما يطالب به المتظاهرون وسط تل أبيب هو استعادة بلدهم مرة أخرى فهي في نظرهم دولة حديثة تأسست على مبادئ المسؤولية الاجتماعية والتماسك بين أفرادها.
ارتفاع حدة الاحتجاجات فاجأ الحكومة الإسرائيلية وسبب لها ارتباكا وذلك لأن الاقتصاد الاسرائيلي كان في مأمن من الأزمة العالمية وهناك نمو في قطاع التكنولوجيا كما أن البيانات الرسمية أشارت إلى أن نسبة البطالة أقل من مثيلاتها في دول أخرى.
يذكر أن إسرائيل تتلقى معونات أمريكية تقدر بحوالي 8 ملايين دولار أمريكي يوميا.
وجاء رد فعل رئيس الوزراء بنيامين نتيناهو متأخرا بعض الشيء فقد وعد بإعادة تقييم أولويات حكومته وعين فريقا من الخبراء مهمته الاجتماع مع قادة الاحتجاجات وتقييم مطالبهم.
وتولي رئاسة هذا الفريق البروفيسور مانويل تراتيجبرج من جامعة تل أبيب ويقال إنه رفض تولي المسؤولية في البداية خوفا من أن يصبح الأمر مجرد تحقيق حكومي جديد دون جدوى ويتم تجاهل توصيات اللجنة.
ولكنه قبل العرض بعد أن تعهد نتيناهو شخصيا بتغيير موقفه واحترام رأي اللجنة.
حكومة نتنياهو حتى الآن لا يواجهها تهديد كبير ولكن مع انتشار رقعة الاحتجاجات في القدس وغيرها من المدن الكبرى فقد تواجه ضغوطا كبيرة.