مصربين اشتفزازات حماس .....وتعنت اسرائيل

اعلن أمين طه المتحدث باسم حركة حماس أن الوزير عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية وافق علي التعديلات التي تطلبها حماس علي ورقة المصالحة بشرط موافقة فتح.. هذا ما قاله قيادي الفصيل المنشق عن الصف الفلسطيني والتي اطاحت بمسئولي "فتح" من القطاع فهل هذا صحيح؟.. معلوماتنا تؤكد أن مصر لايمكن أن تقبل بتعديل للورقة وتشترط موافقة "فتح" وذلك لعدة أسباب أهمها أن مصر دولة تحترم قرارها الذي تتمهل في دراسته وإذا أصدرته فإنها لاتعود إليه مرة أخري.. وثانيا أن "فتح" كان لها تحفظات علي ورقة المصالحة لكن مصر طلبت من أبومازن التوقيع علي أن يتم أخذ التحفظات بعين الاعتبار بعد ذلك وثالثا سوابقنا في التعامل مع "حماس" تؤكد أن قرارهم ليس في يدهم ولكنه مرتبط بطهران ودمشق.
مصر تدرك جيدا أن "حماس" تناور بالمصالحة.. لاتريد اتمامها ولاترغب أن تظهر كطرف مشاكس.. تسعي لتحسين صورتها سياسياً وعالمياً. وفي الوقت ذاته لاتريد خسارة شهرتها كحركة مقاومة.. من ثم لم يصدق أحد أيمن طه وهو يعلن أن الوزير عمر سليمان ربط بين تعديل ورقة المصالحة وفقا لشروط حماس بموافقة "فتح" علي التعديلات.. القاهرة لاتساوم ولا تقول في السر شيئاً تنكره في العلن.. خالد مشعل هو الذي أصر علي لقاء الوزير سليمان اثناء وجوده بالرياض.. قصر الضيافة في الرياض كان غاصا بمدعوين وضيوف ووزراء عرب واسلاميين.. المقابلات في رمضان تتم بعد الافطار.. مشعل ألح علي الوزير سليمان ليقابله.. المقابلة لم تكن مرتبة.. بمجرد جلوسهما معا حاول مشعل تعديل الورقة علي أن يوقع فوراً.. الوزير سليمان رفض.. وذكرهّ بأنه قرأ الورقة وتفاصيلها في جهاز الأمن القومي المصري واستفسر عن بعض التفاصيل.. وأبلغ المسئولين بالجهاز موافقته.. وخرج من الجهاز مباشرة إلي الجامعة العربية ليعقد فيها مؤتمرا صحفيا يعلن فيه موافقته علي الورقة.. ثم سافر إلي دمشق وأعلن أنه لن يوقع!
الوزير سليمان أبلغه أن مصر ارسلت ورقة المصالحة لأبومازن فوقعها رغم تحفظه علي بعض البنود وبالتالي لايمكن أن نفتح بطن الاتفاق ونعدل ما تقترحه حماس ونرضي بما يطرحه أبومازن.. الوزير سليمان أفهم مشعل صراحة أن أي تعديل معناه أننا لم نكن راضين عن الورقة.. مصر دولة تحترم قرارها فيحترمها العالم.. المتعامل معنا لابد أن يعرف قدرنا جيدا.. نحن الذين نعطي لأي فصيل شرعية أو ننزعها عنه.
لكن لماذا سعي خالد مشعل لمقابله عمر سليمان في الرياض؟.. حماس بدأت تدرك أنها لاتساوي شيئا بدون مصر.. لن تنفعها سوريا المشغولة حاليا باعداد مسار السلام الخاص بها وإيران كذلك مشغولة بقضاياها الداخلية والملف النووي.. أما قطر فقد وصلتها توجيهات أمريكية بعدم الضغط علي أبومازن ومساندة حماس ضده.. قالت قطر "سمعا وطاعة".. في زيارة الرئيس أبومازن الأخيرة إلي الدوحة لم يفتح المسئولون القطريون معه موضوع المصالحة نهائيا.. كانت الحفاوة به غير عادية.. ولاحظ وزراء الخارجية العرب أن رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية حمد بن جاسم كان أول من وافق علي المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين رغم أن كثيرين اعتقدوا أنه سيرفضها.. من أجل ذلك كله أصر مشعل علي لقاء سليمان. لكن يبدو أنه مازال ميالاً إلي المال رغم معرفته بأن الجميع سينفضون من حوله ولن تبقي له سوي مصر.
غير أن الحقيقة التي لامراء فيها هي أن حماس تناور بالمصالحة وأصبح ذلك مكشوفاً للجميع كما أنه يعطي مبررات لنتنياهو بعدم التجاوب مع الضغوط الأمريكية والمصرية والدولية لاقامة الدولة الفلسطينية وتساعده في أن يسوق حججاً تبعده عن التعهد باقامة دولة فلسطينية ويحيلها الي ما يزعم أنها ستقام بغور الأردن
لماذا المفاوضات والمصالحة؟
وقد يتساءل البعض لماذا تستمر مصر في التفاوض مع "حماس" رغم ألاعيبها ومناوراتها واستفزازاتها.. لماذا ونحن متأكدون أننا ننفخ في "قربة" مقطوعة؟!
الواقع أن التحركات السياسية المصرية هامة جدا. لأن جمود عملية السلام وتوقفها من شأنه أن ينشط الإرهاب ويضعف السلطة الشرعية الفلسطينية للرئيس أبومازن ويقلل فرص تحقيق إنجاز سياسي ويمنح الفرصة لإسرائيل للتهرب من التزاماتها واستحقاقات السلام!
مصر لن تترك عملية السلام لأنها تؤمن أن أمنها القومي مرتبط بالاستقرار في المنطقة.. استمرار الانقسام الفلسطيني بهذا الشكل يجعل الولايات المتحدة تقلل اهتمامها بالمنطقة وتتجه للمشاكل الدولية الأخري المتورطة فيها مثل أفغانستان وإيران والعراق.. إذا توصلت واشنطن لتسوية مع إيران سيكون ذلك علي حساب القضية الفلسطينية واقامة الدولة.
يوم 9 يوليو الماضي أجري الرئيس الأمريكي باراك أوباما مكالمة تليفونية مع الرئيس أبومازن طالبه فيها بضرورة الانتقال للمفاوضات المباشرة وقال له أنه سيكون هناك ضمانتان.. استمرار وقف الاستيطان وانخراط هيلاري كلينتون بشكل مباشر في المفاوضات.
مصر تنبهت منذ زمن إلي الفخ الذي كانت إسرائيل ستسوق أبومازن إليه.. كانت الخطة الإسرائيلية هي إفشال المفاوضات غير المباشرة.. ثم تعلن بعدها أنها لن تتفاوض مع أبومازن لأنه ليس رئيس السلطة الشرعية منذ يونيو 2010 وبالتالي فلن يكون هناك شريك للسلام.. إسرائيل خططت لأن يكون أبومازن الشماعة التي تعلق عليها فشل المفاوضات.. من ثم نبهت مصر محمود عباس إلي الفخ المنصوب ونصحته بضرورة أن يقبل المفاوضات المباشرة وحتي إذا فشلت فلن يكون هو السبب.
في نفس الوقت كان التحرك المصري الدبلوماسي حاضرا في اجتماعات وزراء الخارجية العرب حيث وجه الوزراء رسالة ايجابية لأوباما.. من ناحية أخري تحركت مصر مع كافة الأطراف الفاعلة في المجتمع الدولي للتحضير من أجل اطلاق المفاوضات المباشرة وأن العرب قبلوا الانخراط فيها.. هيأت مصر المناخ لعقد المفاوضات المباشرة. لكنها كانت حريصة من البداية علي التأكيد علي أنها لاتتفاوض نيابة عن الفلسطينيين ولايمكنها ممارسة ضغط عليهم مهما كانت الأسباب.
وقد كشف أبومازن لاحد مصادرنا أن أوباما قال له في المكالمة التليفونية يوم 9/7 أنه إذا لم تتم المفاوضات المباشرة "انسوا السلام وانسونا".
عظمة مصر مبارك
طبعا يعرف الجميع أن النية كانت تتجه كي تبدأ المفاوضات المباشرة في شرم الشيخ بدون حضور الرئيس الأمريكي لأن الموعد الذي أعلنه لبدئها وهو 15/9 سيكون موعد اجازته.. وقالت مصر إن الرئيس الأمريكي يجب أن يحضر انطلاق المفاوضات وإذا كانت مشاغله تمنعه فالقضية التي انتظرت 62 عاما يمكنها أن تنتظر شهرين أو ثلاثة.
وهكذا استطاعت مصر بتحرك سياسي ودبلوماسي أن تبكر من موعد الجولة الأولي للمفاوضات لتبدأ يوم الخميس 2 سبتمبر.. وكان تقدير مصر للموقف كالآتي :
أولاً : الفلسطينيون لن يخسروا شيئاً من استمرار المفاوضات المباشرة.. والايجابية الوحيدة أنهم يمكن أن يعلنوا الدولة من جانب واحد في مجلس الأمن طبقا لقراراته ذات الصلة وذلك إذا استمر التعنت الإسرائيلي.
ثانياً : لايمكن لأي طرف أن يحصل علي كل المزايا في التفاوض السياسي.. هناك توازنات.
ثالثاً : أوباما أمامه انتخابات التجديد النصفي للكونجرس وبعدها انتخابات الرئاسة.. والناخبون في أمريكا يهمهم شيئان.. قضايا الداخل كالتعليم والرعاية الصحية والمعاشات والضرائب ثم الدور الأمريكي للحفاظ علي أمن إسرائيل. لذلك فإن هناك فرصة أمام المفاوض الفلسطيني خصوصاً وأن إدارة أوباما لم تحقق أي إنجاز خارجي حتي الآن.
رابعاً : مصر كشفت أيضا أن نتنياهو يريد أن يسوق نفسه للمعارضة بأنه ذهب للمفاوضات المباشرة وجلس مع أبومازن دون أن يقدم شيئاً له.. وحتي لو كان التفاوض سينتهي إلي لا شيء فلن يلوم أحد الفلسطينيين علي ضياع فرصة السلام.
خامساً: لفتت مصر أنظار أبومازن إلي حقيقة يهودية الدولة وأنها لا تجوز.. فليس من المعقول أن يظل اليهود يتكلمون 50 عاماً عن التعايش السلمي بينهم وبين الفلسطينيين.. ثم فجأة يعترضون ويقولون إننا بمفردنا.. فكرة يهودية الدولة وراءها ليبرمان وزير الخارجية الإسرائيلي الذي يتمسك بالفكرة لتحريك عرب إسرائيل للضفة الغربية.. يهودية الدولة تعني ترانسفير للأرض والسكان.. من ثم كان ذهاب أبومازن إلي مدينة أم الفحم التي تعج بعرب 48 ليؤكد لهم أنهم مواطنون إسرائيليون ولن يستطيع أحد تغيير هويتهم.. ويبدو أن نتنياهو يريد الانتقام منهم لأنهم عادة ما يصوتون لصالح اليسار الإسرائيلي خصم نتنياهو.
استفزازات حماس
عندما كشفت مصر الخريطة السياسية لأبومازن وأخرجته من عزلته التي فرضها عليه التفاوض غير المباشر. حاولت حماس أن تعود لدائرة الاهتمام المصري لكن القاهرة تدرك أهداف حركة المقاومة الإسلامية.. مصر تتمني أن ينتهي الانقسام الفلسطيني ولكن بدون افتئات علي سيادتها وأمنها القومي.. لابد من تجفيف منابع التهريب التي تؤثر علي الاقتصاد المصري.. مصر لن تسمح بأن تتحول إلي "ترانزيت" للمهربين. من حقنا أن يسود القانون المصري علي جميع من يمر أو يعبر أو يقيم في مصر.. من غير المعقول أن نترك مهرباً فلسطينياً ونحاكم مصرياً وربما نعدمه!!
من ثم كان الهجوم الذي شنته علي مصر حركة حماس قبل يومين علي إثر اعتقال محمد دبابش القيادي الأمني بالحركة بتهمة استخدام جواز سفر مزور والسعي لتهريب أموال وأجهزة لاسلكية عبر الأراضي المصرية كما ترددت أنباء عن اتهامه بالتستر علي المتورطين في قتل جندي مصري علي الحدود في أبريل هذا العام وهو الجندي احمد شعبان.. مصر لن تترك حقها.. لن تسمح باستخدام أراضيها ممرا للمهربين وتجار الأنفاق بدعوي دعم المقاومة.. مصر لن تترك حقها أبدا.. كنا ومازلنا مصرين علي تسليم من قتلوا ابننا.. لابد أن يحاكم الجناة أمام محكمة مصرية.. حماس كيان غير شرعي وبالتالي ليس لديهم محاكمات قانونية.. الفصيل المتمرد لن يفرض رأيه ولا أسلوبه علي مصر.. لن نسمح بقيام إمارة إسلامية علي حدودنا في ظل وجود دولة فلسطينية علي كامل الأرض المحتلة في الضفة وغزة بحيث يكون هناك تواصل بين أجزائها.. من غير المعقول أن نسعي جاهدين لقيام دولة ورأب الصدع والمصالحة. ثم نترك الأنفاق والتهريب والقتلة يعيثون في الأرض فسادا وبئس ما يفعلون!

شكرا اسلام على التغطية

شكرابيس
اسعدنى مرورك الدائم

شكرا لكى