حكومة تستقتل في الدفاع عن نفسها......وتتهاون في الدفاع عن حقوق الشعب

يحكى ان عمر بن الخطاب (رض) كان يهرول لاهثاً وراء ب*** افلت، فلقاه على بن ابي طالب (ع) فسأله: الى اين يا امير المؤمنين؟ فأجاب عمر: ب*** من إبل الصدقة اطلبه، فقال له علي: لقد اتعبت الذين سيجيئون بعدك...فأجابه عمر: والذي بعث محمداً بالحق نبياً لو ان عنزا ذهبت بشاطئ الفرات لأخُذ بها عمر يوم القيامة. وفي رواية اخرى لعدل عمر الفاروق (رض) حيث قال: والله لو ان بغلة عثرت بشط الفرات لكنت مسؤولاً عنها امام الله، لماذا لم اعبد لها الطريق. وفي رسالة بعث بها الإمام علي (ع) الى احد ولاته قال فيها ".....واشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارباً تغتنم أكلهم، فأنهم صنفان أما أخ لك في الدين وإما نظير لك في الخلق". هذا ما يحفظه لنا التاريخ عن عدل الولاة المسلمين، فالهدف من التصدي للمسؤولية هو خدمة العباد وليس الإثراء على حسابهم والتعالي عليهم او يذائهم، حيث ادرك كل من عمر وعلي رضي الله عنهما حجم المسؤولية وعملا جاهدين للنهوض بأعباءها وهذا ما تنتظره الرعية من الحاكم.

لقد استهليت مقالتي بهاذين المثالين الرائعين للحاكم وعلاقته بالمحكوم بعد ان اثيرت قضية استيراد مادة رابع إيثيل الرصاص لإضافته لمادة البنزين من قبل مسؤوليين رفعي المستوى في وزارة النفط، وما خلفته هذه المادة المحضورة عالمياً من ضرر على ادمغة اطفال العراق، والتي نتج عنها سرطانات، وحالات تلف خلايا الدماغ ووفيات. تلك القضية تتفاعل وبشكل كبير حالياً في الأوساط السياسية والقضائية العالمية في حين ان حكومة المالكي الفاسدة اكتفت بتشكيل لجنة في وزارة النفط وسوف يتم تسويف القضية وينتهي التحقيق الى الحفظ في الإضبارة، كما حصل لصفقات الأغذية الفاسدة التي استوردهاوزير حزب الدعوة.

فهل يدرك المالكي ووزير النفط المرتشي حجم الضرر الذي الحقاها بأطفال العراق مقابل بضعة ملايين من الرشى والهديا التي وزعتها الشركة البريطانية المصدرة الى مسؤولي وزارة النفط؟ وهل ان تشكيل لجنة من قبل الشهرستاني كفيلة بفضح المرتشيين واحالتهم الى القضاء؟ اوليس الأجدر ان يحيل رئيس الوزراءالى القضاء كلٌ من وزير النفط والمسؤولين عن ابرام هكذا عقود او ان يحال الملف بأكمله الى هيئة النزاهة؟ ام ان الشهرستاني الإيراني-احد وزراء المالكي الفاشلين ارفع من الشبهات وهو وزير النفط وكل العقود الكبيرة تمر على مكتبه؟ وهل يصح ان يكون نفس الشخص متهم وقاضي في ذات الوقت؟

ان الدمار الذي لحق بأبناء العراق على المستوى الصحي والنفسي والإجتماعي والثقافي والذي تجهله وتغظ النظر عنه حكومة المالكي الفاسدة-الجاهلة هو اكبر من ان يوصف، ومثل هذه الأضرار الناتجة عن إستهانة الحكومة بالشعب تندرج تحت قائمة جرائم ضد الإنسانية، وهي جرائم غير منظورة، ويكون تأثيرها على المدى البعيد-الطويل ثأثيراً كبيراً. فحكومة الأحزاب الدينية تنتهج سياسة تدمير شامل لما فات نظام البعث تدميره. فبالأمس سمعنا عن فضيحة وزارة التجارة التي يديرها وزير حزب الدعوة واستيرادها لأغذية فاسدة ودون المواصفات الصحية للإستهلاك البشري، فهل اكل المالكي ووزيره ومستشاروه وعوائلهم من الحصة التموينية التي يستوردها حزبه للعراقيين؟ وهل يدرك المالكي الذي يتبجح هو ومستشاروه واعضاء حزبه بالإنجازات التي حققتها حكومته بالتأثير الصحي الخطير لمواد الحصة التموينية على صحة المواطن العراقي؟ فالذي لا يقتله الأرهاب، يمرض ويموت نتيجة مايسمى الحصة التموينية الغير صالحة للإستهلاك البشري ولا حتى الحيواني (واستميح اخوتي واخواتي في العراق عذراً)، ثم تبعتها فضيحة وزارة الكهرباء التي استوردت محولات لا تنطبق عليها المواصفات المذكور في العقد، واصرار المالكي على ان وزيره الفاشل على حق وان العراقيين الذين تحملوا مالا يتحمله شعب في العالم هم المخطؤون والغوغائيون، وهكذا دفع ويدفع العراقيون ثمناً باهضاً من صحتهم الجسدية والنفسية نتيجة المعاناة من حرارة الجو اللاهب وما يصاحبها من ضغط نفسي ومعنوي وصحي، فهل تعيش عائلة المالكي وعوائل مستشاروه وبطانته الفاسدة على نفس ساعات القطع المبرمج التي تُطبق على الشعب العراقي؟. ثم تبعتها فضيحة صفقات الأدوية الفاسدة التي تعاقدت عليها وزارة الصحة والتي خلفت ضحايا يضافون الى القائمة الطويلة لضحايا حكومة الأحزاب الدينية، ناهيك عن الأوبئة والأمراض المنتشرة بشكل ليس له مثيل في اي بلد في العالم، مع غياب الأحصائيات العلمية الدقيقة وخطط الطوارئ والإغاثة والستراتيجيات لمواجهتها، وهذا بالطبع نتيجة اسناد وزارة الصحة الى وزير عاجز-فاشل-مرتشي- جاهل-وغير كفوء.

وفي حدث منفصل يُظهر بجلاء صورة من صور اكثراث حزب الدعوة الحاكم لمصالحه الشخصية البحتة، في الوقت الذي تُسيس فيه حقوق الشعب العراقي. حيث اصدر المكتب الأعلامي لعباس البياتي، احد كوادر حزب الدعوة المتقدم، انه سوف يقاضي الصحف التي نشرت خبر عن العثور على سيارة قرب المنطقة الخضراء تحوي على اربع ملايين دولار رشاوي لرئيس دولة القانون!. فلماذا لا يستشاط عباس البياتي وحزبه الفاسد لإستيراد مواد محرمة دولياً ادت الى وفاة العديد من اطفال العراق؟ وهل يعقل ان امريكا تطالب بتسليم رئيس الشركة الذي قام بدفع رشاوي لوزير النفط والمسؤولين في وزارة النفط لمحاكمته بينما يكتفي وزير النفط الذي هو شريك في هذه الجريمة التي يراد منها ابادة الشعب العراقي بتشكيل لجنة تحقيق فقط. علماً ان ما افضت اليه هذه اللجنة هو ان مادة رابع إيثيل الرصاص التي تستوردها وزارة النفط لإضافتها الى البنزين هي ليست بالمادة السامة، فإذا لم تكن كذلك فلماذا دفع رئيس الشركة المصدرة رشاوي بملايين الدولارات للفترة من 2004-2008 للمسؤولين في وزارة النفط لتمرير الصفقات التي عقدت خارج نطاق الرقابة الدولية التي تحضر بيع وشراء هذه المادة؟ اوليس عيباً على حكومة المالكي ان تتهاون في حقوق الأفراد وصحتهم في الوقت الذي تلاحق قضائياً بعض الصحف التي كشف المستور القيبح عن سرقات حكومة المالكي المرتشية.

انني اطالب هيئة النزاهة الى التحقيق في ملف صفقات مادة رابع إيثيل الرصاص، كما اطالب الحكومة الجديدة والتي سيكون للعراقية دوراً رائداً فيها الى فتح ملفات الفساد وتفعيل عمل هيئة النزاهة والإقتصاص ممن اساء الى المواطن العراقي وسعى الى الإثراء على حساب صحة وسلامة ابناء العراق. وكما شكل المالكي هيئة اجتثاث البعث التي استخدمها لأغراضه السياسية الدنيئة، فلا بد من تشكيل هيئة اجتثاث الفاسدين من وزارات ودوائر الدولة العراقية وإحالتهم الى القضاء، وان يكون عمل هذه الهيئة مستقلاً ولا تخضع لإجندات الأحزاب واهواء السياسيين. ان الحفاظ على سلامة العراقيين يجب ان تكون من اولويات سياسة الحكومة القادمة والضرب بيد من حديد على ايدي المرتشين والفاسدين الذين يتاجرون بصحة وسلامة الفرد العراقي.

مشكورة اخت بيس علي مرورك الغالي وتقبلي تحياتي وتقديري