نهر العظيمه
حينما نتحدث عن الموسيقار الراحل بليغ حمدي في ذكري رحيله التاسعة عشرة،
نشعر بالحيرة، ماذا نكتب عن هذا الموسيقار العبقري الفذ بكل المقاييس، موهبة غير طبيعية، غزارة في
الإنتاج علي مدي ما يقرب من 35 عاما، مئات الروائع لعمالقة الغناء، الشجن كان عنوان ألحانه
، كان عاشقا لمصر، في قراءة سريعة نكتشف أن معظم ألحان بليغ حمدي صادفها نجاح كبير، بل
والخلود.
كان له الفضل في تطور كافة المطربين والمطربات الذين تعامل معهم حتي العمالقة بالإضافة لاكتشافه العديد من المواهب
، عاني من الغربة وبعض الظلم في سنواته الأخيرة، ولكن كتب لفنه
الخلود واكتشفت الأجيال المتعاقبة أن ألحان بليغ حمدي كنز لا ينضب.
ظهرت الموهبة الفذة لبليغ في بداية مرحلة الشباب وتلقفته كوكب الشرق أم كلثوم ليلحن لها وهو في العشرينات من عمره:
«حب إيه» كان ذلك عام 1960 وحققت نجاحا هائلا وتعددت
ألحانه لكوكب الشرق في روائع خالدة منها: «سيرة الحب - كل ليلة وكل يوم - ظلمنا الحب - فات الميعاد - ألف ليلة وليلة
- بعيد عنك - الحب كله»، وأخيرا «حكم علينا الهوي»، آخر ما غنت
كوكب الشرق.
أغنيات رائعة وربما هي الأكثر مبيعا في شرائط أم كلثوم وعن ألحانه للعندليب الراحل عبدالحليم حافظ،
فحدث ولا حرج كان أول تعاون بين العملاقين حليم وبليغ عام 1957 بأغنية «تخونوه»
واستمر التعاون بينهما طويلا في روائع خالدة تنوعت بين الأغاني القصيرة والطويلة والأغاني الوطنية منها:
«أعز الناس - الهوا هوايا - سواح - التوبة - علي حسب وداد - ماشي الطريق - جانا
الهوا» والكلاسيكيات الرائعة «زي الهوا - موعود»، وتلك الأغنية بالذات التي غناها العندليب
في حفل الربيع يوم 18 ابريل 1971 حققت نجاحا أسطوريا وكانت مليئة بالزخارف اللحنية والشجن
الهائل، وفي نفس العام غني حليم من ألحان بليغ «مداح القمر».
وتواصلت الروائع الكلاسيكية في أغنيات «حاول تفتكرني - أي دمعة حزن لا»
وقصيدة «حبيبتي من تكون» التي ظهرت 1981 بعد رحيل العندليب بأربع سنوات ولا ننسي الأغاني الوطنية وما
أروعها: «موال النهار - البندقية اتكلمت - المسيح - عاش اللي قال».
ومع رفيقة العمر الراحلة وردة قدم بليغ أروع الألحان: «العيون السود - وحشتوني - طب وأنا مالي
- مستحيل بلاش تفارق - اسمعوني - لو سألوك - ومالوا - ولاد الحلال - معجزة - حنين - ليالينا
- يا عيني يا ليالي - وأنا علي الربابة - بوسة علي الخد - آه لو قابلتك من زمان»
وأخيرا «بودعك» في رسالة صريحة للفراق بين وردة وبليغ.
كان بليغ غزير الألحان لكافة المطربين والمطربات، من ألحانه غنت نجاة الصغيرة
«سكة العاشقين - في وسط الطريق - ليلة من ليالي فاتونا - أنا بستناك - دوبنا حبايبنا - الطير المسافر» وغنت
شادية من ألحانه: «آخر ليلة - والله يا زمن» ورائعتها الخالدة «يا حبيبتي يا مصر»،
وغنت من ألحانه كروان الشرق الراحلة فايزة أحمد رائعتها «حبيبي يا متغرب» ولا ننسي روائعه لمحمد رشدي
«عدوية - ع الرملة - عرباوي».
ومن ألحانه غني محرم فؤاد العديد من الروائع: «يا حبايب سلامات - يا غزال اسكندراني - ادي حالك يا هوا»،
ومن ألحانه أيضا غني هاني شاكر: «يا عشرة هوني - خايف عليه - عومني في
بحر عنيك - هو اللي اختار» ولا ننسي روائعه لعفاف راضي الذي اكتشف موهبتها عام 1970 منها:
«وحدي قاعدة في البيت - ردوا السلام - تساهيل - كله في المواني - شبيك لبيك.
في بداية الثمانينات قدم بليغ موهبة المطربة السورية ميادة الحناوي وغنت من ألحانه العديد من الروائع أشهرها
«الحب اللي كان» وكانت من تأليف بليغ حمدي و«فاتت سنة - حبينا واتحبينا -
أنا بعشقك» ويذكر لبليغ اكتشافه لعلي الحجار وقدم له أول لحن في 31 ديسمبر 1977 بأغنية «علي قد ما حبينا»،
ولحن أيضا للمطرب القدير محمد منير «أشكي لمين» في نهاية
السبعينات، ولا ننسي أغنية «بهية» التي غناها المطرب الشعبي محمد العزبي وهي أشهر أغانيه علي الإطلاق.
ولا ننسي أيضا الألحان التي قدمها للشحرورة صباح «عاشقة وغلبانة - حب الدنيا - يانا يانا»
ومن ألحانه غني وديع الصافي «دار يا دار - علي رمش عيونها»، ويذكر لبليغ حمدي تقديمه لبعض
المسرحيات الغنائية «تمر حنة - ولدي - مهر العروسة» كما وضع ألحاناً للعديد من المسلسلات الإذاعية والتليفزيونية.
سيظل بليغ حمدي موسيقاراً من نوع نادر وموهبة فذة بمعني الكلمة..
ألحانه مازالت وسوف تظل ملء الأسماع والأبصار، يذكر له أيضا اقتباسه لبعض الجمل اللحنية في الموسيقي الغربية
ووضعها في ألحانه، وهو موسيقار مصري حتي النخاع.
انفعل بقضايا الوطن في زمن الانكسار والانتصار،لا ينسي أحد موقفه في حرب 6 أكتوبر 1973
وإصراره علي دخول مبني ماسبيرو بمجرد قيام الحرب ليقدم مع وردة وحليم أروع أغاني النصر،
وألحانه كان خير تعبير عن مصر في الحقب المختلفة، صدق عبدالحليم حافظ حينما قال:
بليغ حمدي أمل مصر في الموسيقي، رحم الله بليغ حمدي الذي رحل عن دنيانا يوم 21 سبتمبر
1993.