قال مبارك فصدق قوله بقلم ابراهيم عيسى

قال مبارك فصدق قوله بقلم ابراهيم عيسى





ابرهيم عيسى




يبدو أننا لا بد أن نعيد إلى الرئيس السابق حسنى مبارك حقه ونردّ له
اعتباره فعلا، فالرجل حين قتل متظاهرى شعبه وأباح سفك دماء أبناء وطنه كان
يفعل ذلك بمبررات قوية وأسباب غاية فى الوجاهة بالنسبة إليه:

أولاً: كان يحكم منذ ثلاثين عاما فصار هو والحكم والكرسى ملتصقين
ومتوحدين لدرجة أنه اعتقد أن وجوده فيه أمر إلهى ومسألة مقدَّرة ومقدَّسة،
أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى؟ فكيف يسمح لنفسه بأن يتراجع
ولشعبه أن يثور وينتصر؟!

ثانيا: أنه ما كان يتخيل أبدا وقد ظل فوق الرؤوس والأعناق والأكتاف هذا
العمر كله أن أحدا يمكن أن يتحداه وأن وطنا يمكن أن يرفضه، وقد أصيب
بحالة من العظمة بسبب سنوات طويلة فى الحكم لم يسمع فيها لغوا ولا كِذّابا
إلا سلاما سلاما، فله أن يشعر بالصدمة حتى يفقد صوابه فيقرر أن موت عشرات
المواطنين لا يعنى شيئا أمام عطائه للبلد وخيره عليه.

ثالثا: كان يدافع عن حياته وعن نظامه، فقد أدرك أنه لو ترك الباب
موارَبا ولو تنازل أمام الملايين من الثائرين، فسوف تنفتح ملفات الفساد،
وستتكشّف أسرار نهب البلد، فلن ينجو منها.

رابعا: أنه كان يدافع عن وريثه وإرثه لابنه من بعده، وكان قد أوشك على
أن يحول مصر من جمهورية إلى ملك عضوض، ومن ثم عض على أسنانه وبكل قوته
لإنقاذ ميراثه لابنه وعائلته ولو بالدم!

السؤال: ولماذا يلجأ المجلس العسكرى إلى استباحة دم المتظاهرين
والتجاهل والإعراض عن إزهاق أرواح مواطنيه، وهو لا يملك كل مبررات مبارك؟!

إذن مبارك حين تابع قتل مواطنيه كانت لديه أسبابه الوجيهة التى يفتقدها
بالكامل المجلس العسكرى، وكلنا نعرف أن مهمة المجلس الأعلى للقوات
المسلحة هى تحرير البلد من أعدائه لا تحرير البلد من مواطنيه ومعارضيه!

كما أن مبارك كان محقا وعلى صواب حين كان يحذر وينذر شعبه بأن يختار البقاء تحت رئاسته ورعايته وإلا فالفوضى قادمة:

أ- كان يدرك تماما المستوى السياسى المنحدر والكفاءة السياسية المنخفضة
لدى رجال دولته من المحيطين به والعاملين معه وخلفائهم وتابعيهم، ومن ثم
فإنه يفهم إلى أى حد قد يصلون بالبلاد حين ينفردون بإدارتها وتوجيهها.

ب- كان على علم مُطلَق بحقيقة الجهاز الأمنى الذى رباه على القسوة
ونمّاه ورعرعه على الوحشية، وأنه جهاز لا يمكن أن يعمل بكفاءة حين يعمل
بالقانون، وأن قدراته الأمنية مرتبطة فقط بتوسعه فى استخدام البلطجة
والعنف والقسوة وانتهاك حقوق الإنسان، وأنه متى منعه أحد عن أدواته سيسقط
من عليائه وتتبدد إمكانياته وتتفكك دولته.

ج- كان واثقا من خطة موضوعة وجاهزة لبثّ الفوضى حين رحيله لتركيع
البلد، إما خطة وضعتها أجهزته وإما خطة يعرف أن إسرائيل تجهز لها ساعة
الصفر برحيله، فهو أكثر الناس معرفة بالاختراق الصهيونى الكبير فى دوائر
نظامه الذى كان مفتوح الفخذين للسياسة الإسرائيلية وللصهاينة خلال ثلاثين
عاما من حكمه.

ثم إن مبارك -وها نحن أولاء نعترف بوضوح بأنه كان عند كلمته- حين حذّر
شعبه والعالم كله وأنذره بأنه إما مبارك وإما الإخوان المسلمون، كان محقا،
فالواضح:

1- أنه أفرغ الساحة السياسية من الرجال والتيارات القوية والقادرة، ولم
يسمح بوجود سياسيين يتزعمون الأحزاب ويديرون المعارضة إلا بعد تأكده
وتيقنه من أنهم خصيان فى بلاط مملكته، وأنهم لا يقدرون على تحريك كنبة فى
صالون بيتهم إلا بإذن أمن الدولة، ولهذا فإنهم بلا جذور ولا شعبية وبلا
مصداقية ويجرّون وراء ظهورهم ذيول الخيبة ويبرز من ظهورهم زنبلك أمن
الدولة.

2- أنه كما حارب الإخوان المسلمين وطاردهم وكان يكرههم بكل كيانه، ترك
لهم ممرات اقتصادية وجيوبا سياسية وسراديب تنظيمية يتقون بها وفيها
ويتدربون داخلها كذلك، فكأنه كان حريصا على إضعافهم، لكنه لم يكن حريصا
على إنهائهم حتى يظلوا هذا البديل الجاهز الذى يخيف به ويردع، فلما اختفى
وانسحب متخليا عن الحكم ومخلوعا بثورة، كان يعرف أن قوة الإخوان فى
التنظيم وقدرتها المحتفظة بها على عينه موجودة وستظهر لتضرب ضربتها.

3- أنه يعرف أن الشعب المصرى قد تحول تحت ولايته وعنايته وتواطُئه إلى
أرض تم غزوها بأفكار التطرف البدوى التى جعلت الإسلام دينا للمغالاة
والغلو والتشدد وبدعايات الوهابية التى جعلت من التدين قشورا ومظهرا لا
جوهرا وبالاختراق النفطى للمؤسسات والجمعيات الدينية التى أضعفت مناعة
المصريين فى مواجهة التدين المغشوش، وهذه الأرض خصبة جدا لأى تنظيم يسيّس
الدين ويديّن السياسة، فما بالك بجماعة الإخوان وهى العريقة فى التاريخ
والمتغلغلة فى كل مدينة وقرية بأعضائها ورجالها!

كل ما قاله مبارك حدث ليس لأنه كان حكيما، بل لأنه كان يعلم موعد
انفجار القنبلة الزمنية التى صنعها بنفسه ووضعها فى البلد وضبط ساعتها على
موعد خروجه مهزوما من حكمه!

علاء

مشكله مبارك انه كذب علي نفسه

وصدق ان حسني مبارك

هو مصر وصاحب مصر

لغايه ما جم صحاب البلد وطالبوا بيها


تقبل احترامي لنقل الموضوع

وعظيم احترامي لابراهيم عيسي