لا دموع بعد اليوم...

إلى
الرجل الذي تركني وسط الطريق .. تركني وراءه غير مبالي .. بعد صداقة دامت
ثلاث سنوات ، تركني ورحل دون ان يودعني على الاقل ........وبعد عشرين سنة
سأل أخي عنّي، قائلا : كيف حال هناء ، وماهي أخبارها ؟؟ أقول لك .. لا تسأل
عنّي لقد فات الأوان ، لم يبق لي منك سوى الذكريات التي تزعج ذاكرتي من
حين لآخر ،أنا اليوم نادمة على كل لحظة قضيتها معك في ثلاث سنوات ، نعم
،ثلاث سنوات نمشي معا في نفس الطريق ، نركب نفس الحافلة ، نجلس في مطعم
الكلية كل يوم لنتناول الغذاء معا ، في كلية الحقوق درسنا الحقوق ونحن بلا
حقوق .. وفي السنة الاخيرة قلت لي إنّك ستتقدم لخطبتي ، لأنني حب حياتك
الوحيد ، صدقت كلامك لانّني كنت .. غبية ، ساذجة ، جاهلة ، حمقاء ، تافهة ،
وأكثر .. لا أدري من كنت في ذلك الوقت ، لأنّ تلك ، ليست أنا ... مستحيل
أن أكون أنا التي عرفت أنت ، أذكر أنّني في أحد الايام ، مشيت معك تحت
المطر ، كان يوما عاصفا ، احتمينا من العاصفة تحت سقف منزل مهجور ،مسكت يدي
لتدفئتها لأنّهما كانتا باردتين ..وقلت لي أحبك ياحبيبتي .. ابتسمت بخجل
..و سحبت يدي بهدوء ، ثمّ قلت لك أريد العودة للبيت، لأنّ امّي ستقلق عليّ
.. أشعر اليوم بالعار لأنني سمحت لك بمسك يدي مع أنّها كانت المرة الوحيدة ،
كما أنني .. لن أنسى ذلك اليوم المشمس الجميل ، كان آخر يوم لنا في الكلية
،جلسنا في المقهى ، قلت لي كتبت لك قصيدة ،اسمعي يا هناء ، أنا متأكد من
أنّها ستعجبك .. وقَفت وقْفة الزعماء ، وصرت تتلو القصيدة العجيبة
أحبك يا أرجوحتي
كحبي للتفاح الاحمر
والكسكس بالخضر
وعشقي لك .. كعشقي لكرة القدم
.كنت أبتسم لسماعي تلك التفاهات ، وفي داخلي
كنت أقول ما بال هذا الأبله ؟؟ ألا يحفظ بيت شعر واحد لنزار القباني يقوله
لي في هذا اليوم الجميل ؟؟ وكنت أتساءل.. من أين يأتي هذا الغبي بهذه
الكلمات ..؟ ومن أي قاموس هي .. ؟ لكنّ أسئلتي لم أجد لها أجوبة ، لأنني لم
أملك الشجاعة الكافية لأقولها لك ، لتبق سجينة عقلي التافه أنذاك ... قلت
لي أيضا أنّنا سنبني عشنا الصغير بأيدينا ،وسنحوله إلى كوخ ... أنا بنيت
كوخا وحدي، وحولته إلى قصر مع زوجي ....قلت : سننجب عشرة أبناء لنؤسس
عائلة كبيرة ملؤها الحب والهناء يا هناء ...أنا أنجبت خمسة والباقي في
الطريق ،وأعيش في هناء و أنت لم تحقق شيئا ، ما زلت كما أنت قبل عشرين سنة
... حين جئت مع أمك لخطبتي ، كنتُ في ذلك اليوم سعيدة ، استقبلتك وإيّاها
أحسن استقبال ،لكنّ أمك نظرت إليّ نظرة العدوّ ، لن أنسى تلك النّظرة .. .
قالت :لي إن كان هناك نصيب .. ستتزوجان وإن لم ... لم تكمل ، مع أنني تمنيت
سماع الكلمة الاخيرة من تلك الجملة المستفزة ، انتظرت عودتك لأسابيع ،
وحين قابلت ابنة خالك سألتها عنك .. فقالت لي عزيزتي من الافضل لك ان تنسيه
،فأمه لم تعجبيها .. قالت: إنك قصيرة سمراء و نحيفة .. لست بالجمال
المطلوب ،هي تبحث لابنها عن عروس طويلة ، شقراء ، جذابة ... يبدو أنّ امك
تبحث عن عارضة أزياء تعرضها أمام العائلة لتتباها بها ... وفي البداية لم
أصدق ما قالته لي ، لكن سرعان ما انتشر الخبر ،و صار الجميع ينظر إليّ
وكأنّني قطعة خردة ،قائلين تركها حبيبها وسط الطريق لعدم صلاحيتها ...ذرفت
الكثير من الدموع ،أحسست أنّ لا قيمة لي .. لكن الحمد لله لقد قابلت شابا
مثلي ، يشبهني ،له نفس العيوب .. وعالمنا واحد ..
اليوم بعد عشرين سنة .... شاهدتك عبر الشاشات العالمية ، تحمل لافتة
مكتوب عليها أريد حقي ... أريد وظيفة ، تهتف ياعالم أنا تعلمت و درست
الحقوق ..لي شهادة عمرها عشرون سنة ، لقد شاب شعري ولم أحصل بعد على عمل
... ولم أتزوّج .. تفاجأت حين رأيتك ! وقلت .. أين كان طوال هذه السنين
..!؟؟ ماذا كان يفعل .. !؟ أكان جالسا في المقاهي يدخن السجائر ويتصفح
الجرائد ..!؟؟؟ ولم يتحرك إلاّ يوم سمع بالثورة المصرية ... ليصبح بطلا
ثوريا ثائرا على وضعه المزري منذ أن ولد صبيا .....!! آآآه منك ! تتباهى
بشهادة يتيمة لا قيمة لها ،بالنسبة لي فقد وضعتها في الارشيف لأنّ العلم
الحقيقي هو الذي تعلمته من مدرسة الحياة ، أنت لم تدخل تلك المدرسة بعد ،
ولا أظنّ أنّك ستدخلها يوما ....أكثر شيء أزعجني هو دموعي التي ذرفتها
عليك ، لأنّك لم تكن تستحق ، وأكثر من ذلك ،كيف تحمّلت رائحة عرقك
المقززة ، التي كنت تحاول إخفاءها بعطر تركه لك جدك المرحوم الذي أهداه
إيّاه صديق من أيّام الثورة الفرنسية ، لم يقترب أحد منك غيري أنا ، فذلك
المزيج الخارق ، كان يسبب القيء..! مسكينة أنا ، كيف تحملت ذلك ....!؟ أشعر
اليوم بالغباء ، لأنني ضيعت ثلاث سنوات من عمري معك ... وضيعت وقتي الثمين
في سماع سخافاتك ، وذرفت دموعي الغالية عليك ، أقول لك اليوم، لا دموع
بعد اليوم ...! وتلك الايام كانت تجربة فتاة حمقاء ، ماتت حين رأت من كانت
تظنّ أنه أحبها يوما يمشي في الميادين حافي القدمين ..يبدو عليه التعب
والوهن ، يصرخ طالبا وظيفة وهو في عمر الاربعين ..... وأهمس لك قائلة إنّ
الوسام الوحيد الذي حصلت عليه في حياتك هو أنا ... لكن الحمد لله أنّ الله
قد أنقذني من كارثة كانت ستحلّ بي، لأحيا في هناء .... وأنت يا كريم تحيا
بلا كرامة، وفي شقاء دائم .... آمل ان تصل كلماتي إليك ، فهي كل ما لك عندي
اليوم ....
منقووووول

الله
كلمات رائعة جدا
شكرا لما نقلته لنا من كلمات رائعة

كلمات واثقة وجريئة وراقيه
والجميل القرار النهائي
عنوان الموضوع جذبني لانه يحمل عنوان اعلان لشامبو اطفال كانت امي تستخدمه منذ صغري
لا دموع بعد اليوم
وكأننا في هذا القرار نعود كالاطفال
يسلمو غاليتي على الموضوع

امولي

شكرا لمرورك الطيب
لا دموع بعد اليوم... 3276964926

العفو
الدموع احيانا تكون تريح النفس

نبض

فعلا حبيبتي
قصة مميزة عجبتني كثيييييييير
لان الكاتبة سردت لنا القصة بلسان البطلة
لهذا جاءت كلماتها قوية وظهرت بوضوح ثقتها بنفسها
اظن انها حقيقة
رغم ان فيها شماتة لحال البطل
ولكنها تبقى مرحلة مرت في حياة البطلة
وهي سبب تعلمها الدرس
درس من دروس الحياة وعبرها

مشكورة حبيبتي
لا دموع بعد اليوم... 3276964926

تقبل مرورى

» من حقك ان تبتسم فلا دموع بعد اليوم
» بكاء بلا دموع.
» دموع الحب
» دموع الاشتياق
» ولا تسوى دموع