غتيال السياسي بالسم عبر التاريخ

الاغتيال السياسي بالسم عبر التاريخ

منذ اكد الاطباء في فيينا السبت تعرض مرشح المعارضة الى الانتخابات الرئاسية الاوكرانية فيكتور يوشنكو لعملية تسمم، عاد السؤال حول الجهة التي دست السم ليطرح مجددا لا سيما أن يوشنكو يؤكد انه تعرض لمؤامرة حاكتها السلطة ضده.
فمنذ أصيب يوشنكو بمرضه المفاجئ في سبتمبر أيلول الماضي وهو يتهم السلطة بانها حاولت اغتياله.

فقد اثار زعيم المعارضة والمرشح الأوفرحظا للفوز بالانتخابات الرئاسية، عداوة الكثيرين عندما وعد باعادة النظر في بعض عمليات الخصخصة وتوعد "المجرمين (الذين يتولون السلطة حاليا) بايداعهم في السجن" لدى توليه الحكم.

وبعد ثلاثة اشهر من تبادل الاتهامات والنفي أعلن الطبيب مايكل زيمبفر رئيس الاطباء في احد مستشفيات فيينا الذي ادخل اليه يوتشنكو انه تعرض لتسمم "بالديوكسين" ناجم عن تناوله هذه المادة عبر الفم".

ومنذ فجر التاريخ كثيرا ما استخدم السم للقضاء على الخصوم السياسيين أو الزعماء الذين اعتبروا في وقت ما حجر عثرة في سبيل وصول طرف من الأطراف إلى تحقيق أهدافه.
الإسكندر الأكبر: هل مات مسموما؟

وتتراوح دعاوى التسميم بين الحقيقة والخيال وبين الأنباء والشائعات كما أنها دائما ما تلهب خيال العامة والجماهيرمما قد يجعلها إن فشلت أو اكتشفت في زمن حدوثها، وقبل أن تأتي بالنتائج المرجوة منها، تأتي بنتائج قد تكون عكسية تماما لما خطط له الفاعلون.

ويحفل التاريخ القديم والحديث على السواء بالكثير من مؤامرات القتل بالسم، بعضها نجح وبعضها لم ينجح، بعضها كشف والكثير منها لم يكشف.

تاريخ ملوك الفراعنة يذكر أن بعض الملوك ماتوا مسمومين ويعكف بعض العلماء على دراسة عينات من مومياوات للتوصل إلى نوع السم الذي يرجح استخدامه للقتل.
فبعض علماء المصريات يقولون إن الملك إخناتون مات مسموما ربما من كهنة المعبد الذين أضمروا له الضغينة بعد ابتداعه لعقيدة جديدة أطاحت بنفوذهم.

وبالمثل يقال عن الملكة حتشسبوت أنها قتلت بالسم بتدبير أخيها تحتمس الثالث.
ومنذ بضع سنوات بدأ الباحثون في التنقيب بين صفحات التاريخ عن السبب وراء الموت المبكر للفاتح اليوناني الكبير الأسكندر المقدوني.

ويرى المؤرخون صعوبة في تصديق أن هذا القائد الذي لم يهزم قط والذي أسس امبراطورية بلغت حدود الهند مات في ريبع عمره بأسباب طبيعية.
يقول المؤرخون إن الإسكندر الأكبر مات في بابل سنة 323 قبل الميلاد، وهو في الثانية والثلاثين من عمره، بعد أن شرب قنينة كبيرة من النبيذ في ختام وليمة أقامها قواد جيشه.
ويرجح العلماء أن الحمى ارقدته لأن الخمر كان مسموما (ربما مسموما ربما من أحد قواده الذي كان يطمح في وراثة الإمبراطورية بعده).
خالد مشعل : قامت المخابرات الإسرائيلية بتسميمه في عام 1997
وقالت آخر الدراسات إنه ربما قد تم تسميم الإسكندر المقدوني عن طريق تناوله نبات عشبي صحراوي سام.
كما يختلف علماء التاريخ في حقيقة موت آخر ملكات مصر كليوباترا. فمنهم من يقول إنها ماتت منتحرة بتناول السم ومنهم من يقول إنها سمت بمؤامرة قبل أن تسقط مصر تحت الاحتلال الروماني.

كما يحفل تاريخ دولة المماليك في مصر بمؤامرات دس السم للخصوم بغرض التخلص منهم.
وفي التاريخ الحديث، وعقب هزيمة الجيش المصري في حرب يونيو حزيران 1967، مات المشير عبد الحكيم عامر القائد العام للجيش المصري، بعد أن عزل من منصبه، بالسم وأعلن أنه انتحر في المستشفى وإن سرت شائعات بعكس ذلك.

وعقب الوفاة المفاجئة للزعيم الراحل جمال عبد الناصر وهو في السادسة والخمسين من عمره، ترددت شائعات تقول إنه مات مسموما، ولكن هذه الشائعات لم تلق رواجا ولم تجد سندا من الأطباء أو الأشخاص الذين عاصروا الأحداث. ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

الزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات: يعتقد البعض أن اسرائيل قتلته بالسم
كما قامت المخابرات الإسرائيلية (الموساد) بعملية تسميم لرئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل في عام 1997، وعجز الأطباء عن انقاذه منها، إلا بعد تدخل العاهل الأردني الراحل، الملك حسين وتهديده للحكومة الإسرائيلية التي أخذت الأمر مأخذ الجد، وبعثت بسم مضاد كان هو السبب وراء انقاذ خالد مشعل من الموت.

وأخيرا كانت وفاة الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات باعثا لتساؤلات وتكهنات وشائعات مازالت تدور بين الشعب الفلسطيني حول: "كيف مات عرفات؟"
وبالرغم من تقارير الحالة الصحية لعرفات ومراحل تدهورها منذ بدا أنه وعكة صحية في مستشفى المقاطعة في رام الله، وبعد نقله إلى مستشفى بيرسي في باريس، والتي سلمت إلى عائلة الزعيم الراحل فإن القناعة التي لدي عدد من الزعماء الفلسطينيين هي قناعة راسخة وأكيدة أن "إسرائيل سممت ياسر عرفات، وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون تخلص منه بعملية اغتيال..".
وفي أوكرانيا سارعت النيابة العامة الاوكرانية الى اعادة فتح ملف التحقيق حول محاولة الاعتداء على زعيم المعارضة الذي كان أغلق في 22 أكتوبر تشرين الاول الماضي.
وقال فيكتور يوشينكو الجمعة قبل التوجه الى فيينا "ان ما جرى هو تصفية حسابات ضد رجل سياسي معارض وان هذه العملية كان تهدف لاغتيالي، هذا امر اكيد".
يوشنكو أمام ملصق دعائي له وقد تغير شكل وجهه
وكان يوشنكو (50 سنة) أدخل المستشفى في سبتمبر/ايلول اثر اصابته بمرض غريب يشوه وجهه.
ومن ذلك الوقت والشبهات تدور حول التلاعب بالمعلومات او تصفية حسابات والشائعات حول تورط اجهزة الاستخبارات، تضفي على هذه القضية شكل رواية تجسس في خضم الحملة الانتخابية في أوكرانيا.
علي الرغم من أن الطبقة السياسية لم بتدو عليها الصدمة من هذا الخبر، ففي اعتقاد العديد من الاوكرانيين أنه جاء ليؤكد الشبهات التي يتقاسمها العديد منهم.
ويرى المراقبون أن شعبية يوشينكو بلغت ذروتها بسبب واقعة التسمم مما سيرفع من فرصه في الفوز في الانتخابات.
فقد جابت صور فيكتور يوشنكو بوجهه المشوه وهو يلقي خطاباته المشتعلة في ساحة الاستقلال في كييف، كافة انحاء العالم.

ويرى الخبراء ان الاعلان عن تسميم المرشح المعارض "سيوجه ضربة قوية ليانوكوفيتش حتى وان كان من الصعب اثبات تورطه" في هذه القضية.
ولعلها المرة الأولى في التاريخ التى تنجح فيها عملية التسميم ولكنها في الحقيقة قد "فشلت".