قد قمت بتأليف هذه الاكذوبة الساخرةووضعت في طياتها
ويمنعون ذلك عن الذين يستحقون
ونبتعد عن الخير ونجرى وراء الشهوات
إحدى أيام الصيف الحارقة، ارتديت معطفي الأاسود وخرجتُ من البيت
قاصداً شاطئ البحر لعلي أخرج من هذا الضجر الذي يكتنفني،
وبينما كنت أسير على شاطئ البحر شاهدت فتاة تخرج من بين الامواج،
كانت ترتدي فستان أبيض وذات ملامح جميلة يبدو عليها وكأنها من أوكرانيا.
تبسمت لي في وجهي ..
لم أصدق ذلك ففتحت فمي على مصراعيه مبتسماً لها ولم يشغلني وقتها التفكير في أمر سني العلوي المكسور .
أشارت لي من بعيد بإصبعها تطلب مني المجئ ،
ولكني وضعت يداي على فمي وصرخت بأعلى صوتي :
إن الموج مرتفع وأنا لا أجيد السباحة.
تبسمت لي مرة أخرى وبلحظة أخرجت يدها من تحت الماء
ممسكة موبايل جميل أظن انه ألماني الصنع ففهمت بذكائي أنها تطلب مني أن أكلمها على الموبايل،
وبسرعة البرق وضعت يدي في جيب بنطلوني وأخرجت هاتفي الأثري .. ولكن تذكرت فجأة بأني لا أعرف رقمها ، ما العمل إذاً ؟
الحيرة ملأت كياني وبدأت أفقد أعصابي وسرعان ما خطر على عقلب فكرة جهنمية ، شغلت البلوتوث وصرخت: شغلي البلوتوث
يبدو انها لم تفهم ها هي تهز برأسها منكرة حديثي ،
تذكرت حينها انها من اوكرانيا فعاودت الطلب : بليز تيرن اون بلوتوث، حينها وجدت الفتاة تضحك وأخذت أصابعها تدغدغ الموبايل ،
وبدأت أجري البحث عن الأجهزة وظهر لي جهازها على القائمة كان اسمه ( مسعود ) لم أستغرب حينها ولكنني طرت من الفرحة لأن اسمها ظهر عندي.
وبسرعة دخلت إلى المسجات وكتبت رقم هاتفي وضغطت , سيند ,
بثواني رفعت يدها معلنة وصول المسج.
وجلست أنتظر مكالمتها لي ولكن بدلا من المكالمة جاءني مسج منها نصه كالتالي:
عزيزي، أردت مكالمتك ولكن للأسف ما معي رصيد بليز رن انت وهاد رقمي
.... بستناك.
نقلت الرقم وقمت بالإتصال عليها وسمعت نغمة ( يوم الوداع ) على جهازها
مره .. مرتين .. ثلاث ..
الهاتف يرن وهي ممسكة به بكلتا يديها وأنا متلهف لسماع صوتها،
وعند الرنة الخامسة سمعت : تووووت تووووووت ،
أدركت انها ضغطت الزر الأحمر وهو نوع من أنواع الدلال لا أكثر .
فرحت حينها لأنني أحسست أنني انسان مهم بالنسبة اليها بتدللها علي،
وغضبت منها لأنها أغلقت الخط بوجهي.
المهم .. استمرت المحاولات واستمر الدلال قرابة الساعة،
وبعد الساعة بدقيقتين رنيت عليها وكان موبايلها مغلق ،
جن جنوني وتتطاير الشرر من عيني وأذكر وقتها ذلك الطفل الذي كان يلعب بجواري وأصابته شرارة تسببت له بجرح بليغ،
فلنعد إلى موضوعنا .. أشرت لها بيدي متسائلا ماذا حدث؟ ففهمت من إشارتها ان البطارية فارغة.
يا للكارثة .. يا للمصيبة .. يا للهول .. ما العمل إذا ؟
دفعني كبريائي للتوجه إلى محل قريب لأشتري شاحن وعدت بسرعة وحينها تذكرت ..
كيف أعطيها الشاحن وأنا لا أجيد الغطس؟
طلبت منها المجئ فرفضت وبدأت تتوتر علاقتنا مع مرور الوقت وجااااااء الفرج
صوت الباخرة المتجهة إلى ماليزيا يعم أجواء المكان،
توجهت إلى القبطان ورجوته إيصال الشاحن إلى الفتاة كخدمة إنسانية ولكن يبدو انه لم يتقبل فكرة الخدمة الإنسانية فاضطررت أن أعطيه 100 دولار.
وانطلقت الباخرة وبعد دقائق لمحت القبطان يعطي الشاحن للفتاة ورأيت وجه الفتاة يبتسم لي للحظات ثم بدأ بالتجهم والعبوس ، حركت رأسي مستفسراً .. فأشارت لي بأنه لا يوجد كهرباء.
أحسست حينها باليأس .. لماذا كل هذه العراقيل التي أمامنا ؟
وللمرة الثانية دفعتني رجولتي لأستعير وصلة كهرباء مع سلك طويل وتركت الوصلة تطفو على الأمواج وبسرعة كان هاتفها يشحن بنجاح.
لم ألحظ مرور الوقت حينها حيث بدأت الشمس بالغروب والرياح عاتية والأمطار شديدة، وكنت قد بدأت أحس بالملل من انتظار الشحن.
بعد ذلك عادت من جديد تدغدغ موبايلها بأصابعها وأشارت لي بيدها مودعة ثم غاصت في أعماق البحر.
أحسست حينها بالإنفجار والغضب والحقد وكل الصفات المعبرة عن ذلك.
وما خفف عني صوت أم كلثوم ينذر بوجود مسج على موبايلي قلت في عقلي: يبدو انها كتبته لي قبل أن تغوص.
فتحت الرسالة وقرأتها وكان النص كالتالي :
ولدي العزيز .. أتمنى من الله العلي القدير أن تكون بألف خير وعافية
يا بني لماذا لا تسأل عن والدتك العجوز؟
أنا لا أريد منك مالاً إن كنت تتجاهلني خشية ذلك.
أريد أن تتذكرني دوما وتطمئن على أمك كي يطمئن قلبي عليك ..
والدتك المحبة.
لم يكن ذلك المسج من فتاة البحر بل كان من أمي ،
قرأت المسج وأغلقت هاتفي لأنني كنت غاضبا من فتاة البحر وأردت أن تجد هاتفي مغلقا اذا حاولت الإتصال بي.
عدت مسرعا من حيث أتيت ، استلقيت على فراشي ولم يشغل تفكيري حينها سوى فتاة البحر.
tigr noir