وضع
الرئيس بشار الأسد تصوره لمستقبل سورية السياسي في إطاره الزمني والعملي داعيا الجميع لتحمل مسؤولية نقل البلاد من وضعها الراهن إلى حيث يجب أن تكون
سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وبما يعنيه ذلك من تسمية المرحلة القادمة بمرحلة
الحوار الوطني التي سترسم الإطار العام للتغيير كما ستضع وتيرته وسترسم ملامحه
وتبين الحدود التي يمكن أن يصل إليها.
وقال الرئيس الأسد: «كلنا مسؤول» مبيناً
أن «إنجاز الإصلاح والتطوير لا يمثل حاجة داخلية فقط بل هو ضروري وحيوي من أجل
مواجهة تلك المخططات، وبالتالي لا خيار لنا سوى النجاح في المشروع الداخلي لكي ننجح
في مشروعنا الخارجي فالضغوطات تستهدف دور سورية المقاوم لمخططات التقسيم الطائفي في
المنطقة».
وألقى الرئيس الأسد ظهر أمس كلمة على مدرج جامعة دمشق تناول فيها
الأوضاع الراهنة وتحديدا على المستوى المحلي، فتحدث بوضوح عن الإطار الزمني لخطوات
الإصلاح التي تتراوح بين آخر العام في حال تقرر تأجيل انتخابات مجلس الشعب (المقررة
صيفاً) أو الخريف المقبل في حال لم تتأجل، كسقف لاعتماد كل البنية التشريعية
للإصلاح والتي تتمثل في عدة قوانين بينها قانون الانتخابات العامة وانتخابات
الإدارة المحلية وقانونا الإعلام والأحزاب السياسية والأهم من كل هذا، الدستور الذي
وضعه الرئيس الأسد ضمن مشروع البحث والتعديل حتى التغيير، حيث أعلن أنه بصدد تشكيل
لجنة للنظر في الدستور تخضع لمهلة زمنية مدتها شهر.
كما شدد الرئيس الأسد على أن
«الإصلاح لدينا قناعة مطلقة به وتحقق مصلحة الوطن والمواطن» وأن «ما نقوم به الآن
هو صناعة المستقبل» وذلك عبر خطوات نفذت فعلياً ومن بينها قانون انتخابات وقانون
الإدارة المحلية وهيئة مكافحة الفساد، على حين تكاد لجنتا قانوني الأحزاب والإعلام
تنتهيان من عملهما.
وذكر الرئيس الأسد بهذا الإطار بالمسؤولية الملقاة على عاتق
هذه المرحلة كي يكون قانون الانتخابات «يعزز اندماج المجتمع لا تفككه» وكي يخرج
قانون «أحزاب يؤدي لوحدة سورية ولا يحولها إلى كرة يلعب بها الآخرون كما كانت منذ
عقود».
ووضع الرئيس الأسد كل هذه المواضيع في عهدة الحوار الوطني المزمع حدوثه
قريبا باعتباره «عنوان المرحلة الحالية»، داعياً إلى إعطاء هذا الجهد «فرصة لكي
ينجح إذا أردنا مستقبل سورية»، موضحاً أن هذا الموضوع هو الذي يحدد تقريباً الشكل
الزمني الذي سيعتمد لإقرار الحزم الإصلاحية ولاسيما ما يتعلق بتعديل أو تغيير
الدستور، والمرتبط بوجود مجلس الشعب، خصوصاً أن ثمة دعوات لتأجيل انتخابات المجلس
التشريعية ثلاثة أشهر إضافية.
ودعا الرئيس الأسد في معرض حديثه عن تحديات
المرحلة الداخلية إلى العودة للحياة الطبيعية بما يسمح بعودة الدورة الطبيعية
للاقتصاد.
وقال إنه «من المهم الآن أن نعمل جميعاً على استعادة الثقة بالاقتصاد
السوري، أخطر شيء نواجهه في المرحلة المقبلة هو ضعف أو انهيار الاقتصاد السوري وجزء
كبير من المشكلة هو جزء نفسي»، وطالب بالعودة «للحياة الطبيعة قدر الإمكان، الأزمة
تدمينا نعم، تؤلمنا نعم، تهزنا نعم، تسقطنا على الأرض نعم، ولكن بشرط أن ننهض مرة
أخرى بشكل قوي وبعناد من أجل متابعة حياتنا بشكل طبيعي».
وكان لافتاً في حديث
الرئيس الأسد تركيزه على فئة الشباب التي رآها الحامل لهذا المشروع كما ربط التغيير
بإرادتها وقدرتها على المواكبة والمبادرة.
وبدأ حديثه الساعة الثانية عشرة على
مدرج جامعة دمشق بتحية للجيش والقوى الأمنية كما للشهداء السوريين من المواطنين
وأجهزة الدولة، ورأى أن سورية لا تملك في ظل «محنتها غير المألوفة» سوى خيار وحيد
هو «التطلع نحو المستقبل».
كما تطرق الرئيس الأسد إلى لجنة التحقيق في مقتل
العديد من المواطنين في المواجهات التي جرت وقال إن هذه اللجنة تعمل وفق معايير
قضائية لا سياسية ما يعني أنها تحتاج إلى أدلة لاتخاذ الإجراءات، مشيراً إلى أنها
أوقفت بعض الأشخاص في الفترة الماضية وأنها ماضية في عملها.
كما دعا الرئيس
الأسد» المهجرين للعودة إلى مدنهم وقراهم»، وقال «المدينة تموت بهجرة أبنائها»
و«الجيش موجود من أجل أمنهم».
وأكد في ختام كلمته التي امتدت سبعين دقيقة أن
«الحل سياسي لأن المشكلة نابعة من مطالب سياسية واقتصادية واجتماعية»، مشيراً في
الوقت ذاته إلى أن الظرف يفرض نوع الحل و«نحن نرغب في الحل السياسي ونتمنى عودة
الجيش لثكناته والأمن لمكاتبه ومقراته» لكي تصبح العلاقة محصورة بين المواطن من جهة
والشرطة والقضاء من جهة أخرى، لافتاً إلى حاجة الشرطة لمزيد من التأهيل ومزيد من
العناصر.
وكان الرئيس الأسد استهل كلمته بالقول: إنه لن يناقش الموضوع الخارجي
وإن لفت إلى وجود «مؤامرة»، معتبراً أن الأمر طبيعي «بالنسبة للظروف والتاريخ أو
السياق التاريخي لسورية»، وأضاف: «ماذا نقول عن المواقف السياسية الخارجية الفاقعة
بضغطها على سورية وبمحاولات التدخل في الشأن الداخلي ليس حرصاً على المواطن السوري
وإنما من أجل الوصول إلى ثمن معروف مسبقا»؟
وختم الرئيس الأسد مخاطباً الشعب
ومثنياً على صموده وثباته: «أقول لكم مادمتم بمثل هذه الروح العظيمة وبمثل هذا
الانتماء العميق فسورية بخير».