فيما
يمكن وصفه بالزلزال السياسي الذي دمر البنية التحتية لـلائتلاف اليميني
الحاكم برئاسة سلفيو بيرلسكوني, والتي يستند عليها تحالف اليمين المتطرف
بقيادة إمبرتو بوسي زعيم رابطة الشمال اللمباردية الانفصالية
مع حزب بيت الحرية بزعامة رئيس الوزراء. جاءت نتائج الاستفتاء الشعبي
مزلزلة ورافضة للفساد السياسي المتمثل في صياغة قوانين لحماية رئيس الوزراء
من مطاردة القضاء.. وخصخصت إدارة المياه, التي تجرأت الحكومة بفرضها ودفع
البرلمان للتصديق عليها, ثم طرحها في إستفتاء, صيغت قانونيته لتضليل
الناخبين غير المتخصصي
وبدلا من دعوة الناخبين للتصويت علي هل ترغب في تطبيق قانون حصانة المناصب
الاولي في الدولة, والرد بلا في حالة الرفض, ونعم في حالة القبول.. جاءت
هل تريد إلغاء القانون الخاص بالحصانة.. مما شجع بيرلسكوني علي دعوة
الناخبين لتجاهل الاستفتاء والتمتع بعطلة الاحد!!, وهو نفس الخطأ السياسي
الذي إرتكبه بتينو كراكسي وادي الي انهيار تحالفه بداية التسعينات!..
ورغم هذا التلاعب الصارخ في بلورة صياغة الاستفتاء إلا ان جهود اليسار
المعارض في تفسير' التلاعب, قد تمكنت من إنجاح' الرفض, بالتصويت بنعم التي
بلغت نسبتها أكثر من95%, وحجم الاقبال علي صناديق الاقتراع نسبة57%, وكان
النصاب القانون يتطلع الي نسبة50%+1..
وفوز الـSI أي نعم تعني رفض حماية بيرلسكوني من المطاردة القضائية ورفض
إستخدام الطاقة النووية, ورفض خصخصة إدارة المياه ورفض فكر ومخططات
الحكومة, وفقدان بيرلسكوني شعبيته ليس فقط لدي الممتنعيين بل داخل معسكره
اليميني, ومعقل تأييده التاريخي بمنطقة الشمال الايطالي, الذي دعاه
بيرلسكوني لمقاطعة الاستفتاء, بينما سجل اعلي نسبة تدفق علي صناديق
الاقتراع بأكثر من45% علي المستوي الوطني. الاستفتاء جاء ضربة إضافية قوية
ضد الائتلاف اليميني الحاكم, بعد الضربة القوية التي تلقاها الاسبوعيين
الماضيين من نتائج الانتخابات المحلية التي اطاحت بالسيطرة اليمينية
التاريخية في ميلانو بسقوط ليتسيا مواراتي, وفوز مرشح اليسار بيزابيا, وفي
نابولي وبولونيا.
وفي ضوء الاحتجاجات الشعبية التي تمخضت عنها نتائج الانتخابات البلدية
والآن الاستفتاء.. طالب زعيم الحزب الديمقراطي المعارض الرئيس في ايطاليا
بيرلويجي بيرساني حكومة رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني بالإستقالة علي خلفية
إسقاط إستفتاء شعبي لقوانين بادرت بها أو تدعمها الأغلبية الحاكمة. ونزلت
المعارضة لميدان بوكا ديلا فيريتا وسط روما للإحتفال بتخطي نسبة التصويت
المطلوبة لتمرير الإستفتاء وهي خمسين بالمائة زائد واحد خاصة مع المؤشرات
القوية التي تدل علي الموافقة عليه. وخلال الاحد والاثنين جري الإستفتاء
علي إسقاط عدة قوانين وهي إنشاء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة الكهربائية
وخصصة المياه والمانع الشرعي الذي يعطي حصانة قضائية لاصحاب المناصب
الدستورية الاربع الكبري وهم رؤساء الجمهورية والوزراء والنواب والشيوخ.
وقالت الداخلية الإيطالية ان نسبة التصويت تعدت السبعة وخمسين بالمائة' في
البلديات التي تم فرزها بعد ساعة من غلق صناديق الإقتراع. واعتبر بيرساني
نتائج الاستفتاء إعلان طلاق' بين الحكومة والشعب الايطالي. وكان برلسكوني
قد نفي ان يكون الإستفتاء إختبارا لأداء حكومته خلافا لما راه بعض
المراقبين السياسيين في البلاد وقد سيطرت فاعليات الاستفتاء لاستطلاع أراء
نحو47 مليون ناخب إيطالي في أحد أضخم وأهم إستفتاء تشهده إيطاليا خلال
السنوات الاخيرة, علي العناوين الرئيسية لكافة الصحف الايطالية الصادرة..
حيث كتبت صحيفة' لاريبوبليكا' الصباحية تحت عنوان' اقبال منذر بتغيرات
هامة' تقول ان إنقلابا جماهيريا سجله الاقبال غير المتوقع علي صناديق
الاقتراع للاداء بالراي حول القضايا المطروحة في الاستفتاء رغم نداءات رئيس
الوزراء' بيرلسكوني' وزعيم رابطة الشمال اللمباردية إمبرتو بوسي بتجاهل
الاستفتاء.
وقالت صحيفة كوريري ديلا سيرا تحت عنوان'57% إكتمال النصاب القانوني'
تقول.. ان نسبة57% من الاقبال علي الاستفتاء تحدث تغيرات هامة في توجهات
الرأي العام الايطالي ضد حصانة بيرلسكوني ووزائه, وضد إستخدام الطاقة
النووية في إيطاليا.. ووصفت الاستفتاء بأهم إستطلاع رأي حقيقي, سعي توجه
يمين الوسط الحاكم لآجهاضه بأعتباره يحسم مصير قضيتين أساسيتين احداهما
تتعلق بمستقبل رئيس الوزراء سلفيو بيرلسكوني السياسي, المرتبط بمصيره
القضائي, والثانية تتعلق بقضية إستخدام الطاقة النووية من عدمه في إيطاليا.
وتكمن أهمية ورقة الاستفتاء الأولي في كونها قد تلغي إجراء حصانة رئيس
الوزراء والوزراء من المثول أمام القضاء في قضايا الفساد وغيرها وفقا لجدول
أعمال الحكومة والوزارات, بما يمنح المتهم حق تأجيل نظر القضايا وقتما
يشاء.. وهو القانون الذي صدق عليه البرلمان الايطالي الذي يتمتع فيه
بيرلسكوني بالآغلبية المريحة وتم تفصيله لحمايته من مطاردة العدالة بحجة
مسئوليات مهام وظيفته. ويأتي التصويت بنعم حاسما لآلغاء هذا الامتياز.