"يبدو أن الدفن المفترض لـ "بن لادن" في مياه البحر عمل متهور ومحاولة مكشوفة لضمان ألا تجد جثته مكاناً تستقر فيه، وألا يقام له مزار مقدس يدور حوله من يرغبون في أن يكونوا جهاديين".
تلك خلاصة مقال نشرته مجلة (تايم) الأمريكية اليوم، وجاء فيه أن مقتل بن لادن ليست له الأهمية التي تفترضها الإدارة الأمريكية، وأنه إذا أمكن اختيار شخصية تميز العصر الحالي، فإن محمد البوعزيزي، مفجر الثورة التونسية، سيتقدم على بن لادن بمراحل.
وورد بالمقال أنه بينما تمر الولايات المتحدة بلحظات من الفرح لمقتل بن لادن، فإن الإدارة الأمريكية لم تغفل الاهتمام بالدور الذي سيلعبه مقتل أكثر المطلوبين في العالم في البلدان العربية والإسلامية التي تمتع فيها في وقت من الأوقات بقدر من التعاطف، ما لم يكن التأييد المطلق. موضحة أن إدارة أوباما حاولت القضاء على فكرة الجهاد عن طريق منع دفن بن لادن بصورة عادية في مدفن أرضي قد يتحول إلى مزار للجهاديين.
واستطردت الصحيفة أنه ربما كانت هذه المحاولة عملاً احترازياً لا ضرورة له، فقد كان نجم بن لادن في مرحلة أفول منذ وقت طويل وهو ما يتفق مع التحذير الذي أطلقه محرر صحيفة نيويورك تايمز نيك كريستوف، وقال فيه: "إن تراجع صورة بن لادن يعني أيضاً أنه لن يصير شهيداً في العديد من الدوائر (على الرغم من أن احتفال الأمريكيين بالنصر والرقص على قبره قد يؤدي إلى إثارة التعاطف معه)"إذ يبدو من الصعب تخيل أن مثل هذه المبالغة في الشعور بنشوة النصر ستكون القشة التي تقصم ظهر البعير وتؤدي إلى تحفيز الواهمين، وإثارة المزيد من غضب الشباب المسلمين للانضمام لصفوف القاعدة.
واستشهدت الصحيفة بمقولة روبرت فيسك، الصحفي البريطاني الشهير المتخصص في شئون الشرق الأوسط، التي لخص فيها حالة المنطقة في مرحلة ما بعد بن لادن بمقابلة أجراها مع الإذاعة الاسترالية، وقال فيها: "خلال الشهور القليلة الماضية، رأينا نهضة عربية أطاح خلالها الملايين من العرب بقادتهم". وأضاف: "ودائماً ما كان بن لادن يعلن أنه يريد التخلص من مبارك وبن علي والقذافي وغيرهم، بزعم أنهم جميعاً كفار يعملون لصالح الولايات المتحدة. لكن الواقع أن ملايين الناس العاديين هم الذين تخلصوا منهم بطريقة سلمية- على اختلاف ذلك في مصر وتونس عن غيرهما من البلدان". واستطرد: "لكن بن لادن لم يفعل ذلك، فقد فشل".
وأضاف: "وعليك أن تتذكر أن تلك النظم كانت دائماً ما تقول للأمريكيين أن يواصلوا تقديم الدعم إليهم لأنه إذا لم يحدث ذلك فإن القاعدة ستتولى الحكم- وفي الحقيقة لم تتول القاعدة الحكم بدلاً من تلك النظم".
وكان من المثير أن أول خطاب سمعناه من القاعدة حول الثورة المصرية كان بعد الإطاحة بمبارك بأسبوع، وكان مثيراً للشفقة.
"أعتقد أن بن لادن فقد بالفعل منذ وقت طويل الحضور الذي كان يحظى به في السابق.. وحقيقة الأمر أن أهم ما يحدث الآن في العالم هو الثورة الجماهيرية والنهضة لملايين المسلمين للتخلص من حكامهم.. وهي أهم بمراحل من مقتل رجل في منتصف العمر في جبال باكستان".
وتوصلت الصحيفة إلى أن الوضع السياسي في 2011 مختلف تماماً عن نظيره في 2001. فبعد الهجوم الأشهر الذي قامت به القاعدة، فإن جثة زعيمها ستسير في المياه العربية في حقبة من الأرجح أن يتم تذكرها على أنها عصر محمد البوعزيزي وليس عصر بن لادن.