إن النمو السريع في إنتاج الطاقة المتجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية في كثير من أنحاء الولايات المتحدة، مثل ولاية تكساس وكاليفورنيا، وفي أنحاء مختلفة من العالم مثل الصين, الهند, ألمانيا, والسويد وغيرها كثير، دفع بعض المحللين إلى توقع زوال الوقود الأحفوري كمصدر رئيسي ومهم للطاقة في العالم في المستقبل المنظور. في مجال إنتاج الطاقة الكهربائية، الزيادة الكبيرة التي تحققت أخيرا فى مجال إنتاج الطاقة المتجددة أدت إلى أن بعض المحللين باتوا يتوقعون نهاية مبكرة للفحم كوقود رئيس في مجال توليد الطاقة الكهربائية, حيث إن قطاع صناعة الطاقة المتجددة اكتسب كثيرا من الدعم، حيث شهد هذا القطاع نموا كبيرا في مرحلة مبكرة للغاية, كما أن الكساد الاقتصادي الأخير والانخفاض الحاد في أسعار النفط حفزا الدفع نحو مزيد من الكفاءة والقدرة على المنافسة في جميع قطاعات صناعة الطاقة البديلة، نتيجة لذلك، فإنه من المتوقع حدوث نمو كبير في أسواق الطاقة الشمسية عام 2010، في البداية في ألمانيا والصين، وغيرهما سيتبع في وقت لاحق. أما بخصوص صناعة طاقة الرياح، فالاستثمارات الصينية في هذا المجال وحدها ستضاعف الطاقات العالمية الحالية بحلول عام 2020.
في تطور ذي صلة، استخدام بدائل للنفط في قطاع النقل مثل استخدام الوقود الحيوي والتوسع في استخدام السيارات العاملة بالطاقة الكهربائية بجميع أنواعها، أدى إلى توقعات بأن النفط سيفقد مكان الصدارة في مجال النقل. حيث إن الولايات المتحدة عمدت إلى إدخال تغييرات كبيرة على متوسط معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود، كما حددت حدا أدنى إلزاميا من الأنواع المختلفة من الوقود البديلة والمتجددة لتحل محل استخدام البنزين في قطاع النقل. حيث ألزمت توريد 36 مليار جالون كحد أدنى من أنواع الوقود البديلة والمتجددة بحلول عام 2022. أوروبا وافقت على تنفيذ حزمة من الإجراءات لتغير المناخ وتحديد أهداف للطاقات المتجددة. هذه الأهداف تشمل التوصل إلى 10 في المائة كحد أدنى من حصة الوقود الحيوي من مجمل استهلاك البنزين والديزل في مجال النقل في الاتحاد الأوروبي بحلول عام 2020.
لكن هذه التوقعات بشأن فقدان الوقود الأحفوري الصدارة في مزيج الطاقة العالمي من المستبعد جدا أن تتحقق في المستقبل المنظور، للأسباب التالية:
إن معظم التوقعات الرصينة في مجال الطاقة بينت أن الاعتماد على الوقود الأحفوري أمر ضروري واقتصادي في ظل جميع السيناريوهات التي تهدف إلى التوازن بين تزايد الطلب على الطاقة والعرض المتاح من الطاقة. لذلك لا بد على صناع القرار أن تدرج في تخطيطها وسياساتها حقيقة مفادها أن الاعتماد على الوقود الأحفوري سيظل يحتل مركز الصدارة لعقود كثيرة مقبلة في مجال النقل وإنتاج الطاقة الكهربائية.
إن رجحان استمرار النفط في احتلال موقع الصدارة في مجال النقل يعود إلى عدم توافر بديل اقتصادي ينافس المنتجات النفطية من جميع الجوانب، إضافة إلى الحجم الكبير لأسطول النقل العالمي الذي يعتمد على المنتجات النفطية ومحدودية النمو المتوقع من البدائل الأخرى في هذا المجال. في هذا الخصوص توقعت إحدى الشركات المتخصصة في إنتاج قطع غيار السيارات أن يصل حجم مبيعات السيارات الكهربائية إلى 500 ألف سيارة عالمياً بحلول عام 2015، وحلول عام 2020، اعتمادا على أسعار النفط، قد تصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين سيارة، لكن هذا الرقم يمثل فقط 3 إلى 4 في المائة من إجمالي مبيعات السيارات السنوية في العالم. كما أن وكالة الطاقة الدولية IEA تتوقع أن تظل مبيعات السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية محدودة بسبب ارتفاع التكاليف ومحدودية حجم مبيعات السيارات الكهربائية في الأسواق العالمية للمركبات، حيث تتوقع ألا يشكل حجم السيارات الهجينة والسيارات الكهربائية سوى 6.4 في المائة من الأسطول العالمي للمركبات عام 2030، ونتيجة لذلك ستفشل هذه السيارات في تحقيق خفض كبير في الطلب العالمي على النفط. كذلك يواجه التوسع في استهلاك الوقود الحيوي كثيرامن التحديات والمعوقات. حسب إدارة معلومات الطاقة الأمريكية السيارات القابلية على استخدام أنواع مختلفة من الوقود تمثل اليوم أقل من 3 في المائة من أسطول سيارات نقل الركاب الخفيفة، وتمثل ما يقرب من 12 في المائة من مبيعات السيارات الجديدة في الولايات المتحدة. لاستهلاك مليوني برميل يوميا من وقود E85، مبيعات هذه الأنواع من السيارات يجب أن ترتفع من نحو 12 في المائة حاليا إلى أكثر من 30 في المائة عام 2022. كما أن محطات التعبئة لوقود E85 يجب أن تزداد بصورة مماثلة أيضا. حيث إن نحو 25 إلى 30 في المائة من جميع محطات التعبئة في الولايات المتحدة ستحتاج إلى أن تعمل على تجهيز وقود E85، من 1 في المائة اليوم.
احتمال أن الفحم سيظل يهيمن على موقع الصدارة كوقود لإنتاج الكهرباء يستند إلى العدد الكبير من محطات توليد الكهرباء التي تعمل بالفحم وكبر حجم الطاقة الكهربائية العالمية المجهزة من هذه المحطات. هذا ينطبق بشكل خاص على الوحدات القديمة في الولايات المتحدة والمرافق الجديدة في الصين والهند التي تعمل على الفحم.
الفحم هو الوقود المهيمن عالميا لإنتاج الطاقة الكهربائية. في عام 2008 أسهم الفحم في إنتاج 41 في المائة من الطاقة الكهربائية العالمية مقابل 20 في المائة من الغاز الطبيعي، 16 في المائة من المساقط الكهرمائية و15 في المائة من الطاقة النووية. في الولايات المتحدة الفحم يمثل 50 في المائة من إنتاج الطاقة الكهربائية، في حين يمثل 78 في المائة في الصين و59 في المائة في الهند. إضافة إلى ذلك، توقعات استخدام الفحم الحجري في الصين والهند الحالية هي في ازدياد وليس في انخفاض.
انخفاض استخدام الفحم لإنتاج الطاقة الكهربائية في المستقبل يمكن أن يتأتى من زيادة إنتاج الكهرباء من محطات الطاقة النووية، التي تنتج اليوم نحو 15 في المائة من إمدادات الكهرباء العالمية. لكن ليس من المتوقع أن تحل الطاقة النووية محل الفحم في مركز الصدارة على الصعيد العالمي كمصدر لإنتاج الطاقة الكهربائية في المستقبل المنظور.
من المؤكد أن إنتاج الطاقة المتجددة سيتوسع في المستقبل. هذا التوسع سيأتي نتيجة تشييد مرافق كبيرة جديدة على نطاق واسع، وتركيب وتوزيع وحدات توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المنازل والمباني التجارية والمصانع. إنتاج الطاقة المتجددة من المرجح أن يستمر في النمو بصورة كبيرة, لكن مجموع إنتاج الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة الشمسية وطاقة الرياح ليس من المتوقع أن يوازي إنتاج الطاقة من الوقود التقليدي: الفحم والغاز الطبيعي. إنتاج الطاقة المتجددة حاليا يمثل نسبة صغيرة جدا من مزيج الطاقة العالمي. على سبيل المثال، إنتاج الكهرباء العالمي من الرياح يمثل نحو 4.1 في المائة من إجمالى الطاقة الكهربائية، في حين تسهم الطاقة الشمسية بنحو 1.4 في المائة فقط. وهذا ينطبق أيضا على البدائل في مجال النقل.
لذلك من المتوقع أن يستمر اعتماد العالم على الوقود الأحفوري كمصدر رئيس للطاقة لعقود كثيرة مقبلة، لضمان نمو مستقبلي في الطاقة بحيث تدعم كلا من النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وتكون في الوقت نفسه متوافقة مع معالجة قضية تغير المناخ، تبرز الحاجة إلى تعزيز التنمية في وقت مبكر ونشر تقنيات الوقود الأحفوري النظيف.