قوات «القذافى» تستعيد «رأس لانوف» والثوار يتراجعون إلى الشرق..وتصاعد الخلاف الغربى بشأن تسليح المعارضة
مع استمرار معارك الكر والفر بين الثوار الليبيين والقوات الموالية للزعيم معمر القذافى من أجل السيطرة على مسقط رأسه فى سرت، التى تعتبر خط الدفاع الأول عن العاصمة طرابلس، تراجعت المعارضة المسلحة أمس عن بلدة راس لانوف النفطية الاستراتيجية إلى البريقة شرق البلاد بعد مغادرتها بلدة بن جواد، تحت وطأة قصف الكتائب الأمنية، بينما برزت مجددا الخلافات الغربية حول تسليح المعارضة لحسم المعارك، فى الوقت الذى بدأ فيه الحديث يتزايد عن حل سياسى لليبيا فى مرحلة ما بعد القذافى وسط تأكيدات بأن الخيار العسكرى ليس كافيا.
وبعد أيام من استعادة الثوار بلدة ر اس لانوف النفطية الاستراتيجية فى شرق ليبيا، تمكنت قوات القذافى من السيطرة مجددا على المدينة وأرغمت الثوار على مغادرتها والتراجع شرقا إلى بلدة البريقة بعد تراجعهم من بن جواد فى طريقهم إلى سرت إثر تعرضهم لقصف مدفعى وصاروخى عنيف من قبل القوات الحكومية فى منطقة الوادى الأحمر، وقالت متحدثة باسم الثوار إن تراجعهم تكتيكى، إلا أن الوضع يمثل تطورا ينذر بإطالة أمد الحرب، وبعد انتشار أخبار فى الأيام الأخيرة تفيد بأن كتائب القذافى التى يقودها أبناؤه انسحبت من طرابلس إلى خطوط المواجهة الأمامية فى سرت ومصراتة شرق طرابلس والزاوية والزنتان غربا، وتأتى تلك التطورات رغم تواتر أنباء عن وجود قصف يعتقد بأنه غربى فى سرت وراس لانوف.
وأعلن مسؤول فى المعارضة أنهم يجرون مفاوضات مع قبيلتى حمانة والفرجان الكبيرتين فى سرت للوقوف على الحياد واستغلال نفوذهما للتأثير على القبائل الأخرى لتسليم المدينة من دون قتال.
وتمثل مطالب الثوار للغرب بالحصول على أسلحة حديثة لموازنة الكفة مع كتائب القذافى ولو بصورة نسبية عاملا محوريا بدأ منذ الأيام الأولى للثورة، إلا أنه ورغم أن دول الائتلاف الغربى التى تقود الهجوم على قوات القذافى نجحت فى تضييق فجوة الخلافات حول الأهداف باستمرار القصف حتى يذعن الزعيم الليبى، إلا أن قضية تسليح الثوار لاتزال تمثل عقبة خلافية كبيرة.
فبينما أبدت واشنطن وباريس استعدادهما لتقديم الأسلحة إلى المعارضة، وأعلن الرئيس الأمريكى باراك أوباما أنه لا يستبعد تسليح الثوار إلا أنه لم يحسم الأمر، قالت بريطانيا إنها غير مستعدة لتلك الخطوة فى الوقت الحالى، فيما أبدت روما معارضتها لفكرة تسليح الثوار مؤكدة أن تلك الخطوة تمثل تحولا متطرفا سيزيد انقسام المجتمع الدولى حول العمل العسكرى فى ليبيا، فيما حسم حلف الناتو الذى سيقود العمليات منذ اليوم «الخميس» بدلا من التحالف الغربى موقفه، وقال إن الحلف سيتدخل فى ليبيا لحماية المدنيين وليس لتسليح المعارضة، وعلى الجانب نفسه رفضت روسيا تسليح المعارضة وقالت إنه يخالف نص قرار مجلس الأمن رقم ١٩٧٣.
وتنبع الخلافات من مخاوف الغرب من إمكانية وصول الأسلحة إلى مسلحى القاعدة، وقالت تقارير مخابراتية أمريكية إن هناك احتمالات بوجود عناصر للقاعدة ولحزب الله فى ليبيا بدأ الحديث سياسيا عن مرحلة ما بعد القذافى على الرغم من غموض الموقف على الأرض وإصرار الزعيم الليبى على إطالة أمد المعركة، وسط مخاوف غربية من أن ينفذ النظام الليبى تهديداته باستهداف مصالح الدول التى شاركت فى الهجوم عليه، بالإضافة إلى عدم وجود رؤية غربية واضحة حول مستقبل ليبيا، فبينما طالبت دول معينة مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتنحى القذافى ونفيه إلى الخارج، تثار خلافات حول إمكانية تحقيق هذا الهدف.
وقالت وسائل إعلام غربية إن أبناء القذافى يحثونه على السعى للعيش فى المنفى فى نيكاراجوا، بينما قال وزير الخارجية الفرنسى ألان جوبيه إن «التخلص» من القذافى يعود إلى الليبيين، فيما ألمح وزير الخارجية البريطانى وليام هيج بأن لندن قد تقبل نفى القذافى كأحد الحلول للأزمة فى ليبيا، بينما يدور حديث آخر بضرورة محاكمة القذافى ورموز نظامه أمام محكمة الجنايات الدولية بتهمة ارتكاب جرائم ضد الشعب الليبى وهو خيار ترفعه المعارضة، فيما أكد الأمين العام لحلف الناتو أندرس فو راسموسن أنه لا يسعه التكهن بالمدة التى ستستغرقها المهمة العسكرية للحلف، وقال إن الحل لا يمكن أن يكون عسكريا فقط.
بدوره، استبق المجلس الوطنى الانتقالى الوضع على الأرض، وعرض رؤية سياسية لمرحلة ما بعد القذافى، وتعهد بإجراء انتخابات نزيهة وبتوزيع أموال النفط مؤكدا أنه سيضمن للحقوق المدنية والديمقراطية، وقال المجلس إن كل مواطن سيكون له حق التصويت فى انتخابات حرة عادلة و«الحق فى الترشح للرئاسة» وأضاف أنه سيعمل على ضمان استغلال ثروات النفط الهائلة التى تتمتع بها البلاد «لخير الشعب الليبى».