العصفور المبلول

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

العصفور المبلول
استيقظت على حبات المطر تطرق بخفة على نافذتي، وكأنها لؤلؤ ينثره كريم سخي بكلتا يديه في الأجواء، وما يلبث أن تختطفه أيادي العاشقين، فتحيل الأرض نضرة وخضرة، نظرت إلى السماء وإذا بها محلولكة بغيوم كثيفة، أكاد معها لا أرى شمس ا...لنهار، هرعت إلى النافذة فإذا بعصفور يرتعد من شدة البرد، ساقته أقداره ليحتمي بشرفات نافذتي من شدة الريح وغزارة المطر ، كان يرتعد ببدنه ولكنه كان سعيدا ، كان يومئ برأسه وينظر مرة إلى السماء ومرة إلى الأرض، تأملت في عينيه لأرى فيم يفكر وإلام ينظر، وهل سيقاوم هذا المطر طويلا ، وهل سيطول انتظاره في نافذتي، قررت أن أعد له حبات من أرز ليقتات بها، هرعت إلى مطبخي آتي له بشيء ، ولكن عندما عدت وجدت الغيوم قد بدأت تتلاشى، وبدأ شعاع الشمس ذهبيا متلألئا من خلفها يبدد كل ما كان من ظلمة، ويبعث روحا جديدا الأجواء ، نظرت إلى الأشجار وقد غسلتها مياه الأمطار فظهر جمالها وإلى الأرض وقد أحيتها حركة الأزهار وهاج عبيرها ، عندها سمعت صوتا أخيرا للعصفور ثم طار بعيدا، وكأن لسان حاله يقول: "لا حاجة بي لحبات الأرز عندك ، إنني كنت في استراحة محارب على شرفة نافذتك، وقد تبدلت الحال، وأنا خارج لنزهتي، لأمارس حياتي، وأسعى على رزقي ، ولن أكون مثلك يختبئ خلف الجدار، بل أواجه المطر، وأرقب الأمل في السماء، موقنا بأن الفرج قريب، وأن بعد الغيم مطر، وبعد المطر حياة، وستشرق الشمس التي أنتظرها، فتبدد كل ما سبقها من خوف وآلام." .... لا ليت أمتنا مثلك يا عصفور..