صدامات عنيفة مستمرة في تونس بسبب البطالة
تونس (CNN) -- أدانت منظمة العفو الدولية ما وصفته بـ"القمع المتواصل الذي تمارسه السلطات التونسية ضد موجة الاحتجاجات" التي أشعلتها محاولة انتحار أقدم عليها شاب احتجاجاً على ظروفه الحياتية، وامتدت شرارتها لاحقاً لمختلف أنحاء البلاد التي تعاني أزمة بطالة، ودعت المنظمة الحكومة التونسية إلى السماح بحرية التعبير بعد سقوط قتيلين وعشرة جرحى.وفي واشنطن، استدعت الخارجية الأمريكية السفير التونسي لإبلاغه قلق الولايات المتحدة حيال الأحداث التي تجري في البلاد، وقال الناطق باسم الخارجية، بي جي كرولي، أن واشنطن أبلغت السفير حرصها على ضرورة ضبط النفس وتوفير حرية التعبير للتونسيين، بما في ذلك وقف حجب المواقع الإلكترونية والحسابات البريدية.
وقالت المنظمة إن المظاهرات تلت محاولة انتحار محمد البوعزيزي، وهو خرّيج جامعي عاطل عن العمل أشعل النار بنفسه أمام مبنى حكومي في مدينة سيدي بوزيد في أوائل ديسمبر/كانون الأول عقب مصادرة الشرطة العربة التي يستخدمها لبيع الفواكه دون ترخيص. وتوفي محمد البوعزيزي متأثراً بإصابته بالرابع من الشهر الجاري.
وأشعلت محاولة انتحار محمد البوعزيزي فتيل احتجاجات واسعة النطاق ضد ارتفاع الأسعار والبطالة والفساد في تونس تحولت إلى العنف أحياناً مع اتساع نطاقها.
وفي هذا السياق، قالت منظمة العفو الدولية إنه "يتعين السماح للتونسيين بأن يعبروا عن المظالم التي يعانون منها وأن يحتجوا بحرية. فقد أطلقت السلطات وعوداً فارغة بشأن فرص العمل لم يتبعها سوى حملات قمع ضد المحتجين،" بحسب تعبيرها.
وتابعت المنظمة بالقول: "ومع أن السلطات التونسية تتحمل مسؤولية الحفاظ على النظام العام، إلا أن هذا لا يجوز أن يتحول إلى ذريعة لاستهداف الناس فقط لقيامهم بممارسة حقوقهم في حرية التعبير والتجمع."
وبحسب المنظمة، فقد قتل الشاب محمد عمار بنيران الشرطة في منطقة منزل بوزيان، كما قتل شوقي حيدري، البالغ من العمر 44 سنة، بعد إطلاق النار عليه، وأصيب عشرة متظاهرين على الأقل أثناء المصادمات.
وفي 22 ديسمبر/كانون الأول، أقدم ناجي فلحي، البالغ من العمر 24 سنة، على الانتحار أيضاً بصعق نفسه بالكهرباء عقب إطلاقه صرخة "لا بطالة، ولا بؤس!"، حسبما ذُكر، أثناء مظاهرة في سيدي بوزيد أيضاً.
ولفتت المنظمة إلى أن الحكومة التونسية زادت من وتيرة ضغوطاتها الأمنية، "فاستهدفت المحامين بالضرب والاعتقال عقب محاولتهم القيام باعتصام على نطاق البلاد بأسرها في 31 ديسمبر/كانون الأول تضامناً مع محتجي سيدي بوزيد. "
وأشارت المنظمة إلى أنه رغم تأكيد السلطات التونسية على أن قواتها كانت تتصرف دفاعاً عن النفس، إلا أنه يتوجب عليها فتح تحقيقات في الوفيات والإصابات التي وقعت في صفوف المحتجين.
وذكرت بيان منظمة العفو الدولية إلى أن السلطات التونسية تحاول التعتيم إعلامياً على الأحداث، عبر حجب المواقع الإلكترونية وإغلاق حسابات البريد الإلكتروني لناشطي الإنترنت، ولا سيما من يستخدمون موقع "فيسبوك،" واتهم البيان الحكومة بأنها " لم تتعلم شيئاً من دروس طريقتها في التعامل مع مظاهرات قفصة في 2008."
يُذكر أن الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، الذي يحكم تونس منذ 23 عاماً، قام بزيارة البوعزيزي في المستشفى، في وقت سابق من الشهر الماضي، وأمر بـ"تسخير كل الجهود" لمتابعة حالته، كما التقى أسرة شاب آخر قُتل برصاص قوات الأمن خلال احتجاجات "سيدي بوزيد."
ويحرص الرئيس التونسي عادةً على التركيز على "إنجازات التنمية" في خطاباته العامة، غير أن تقارير غير رسمية تشير إلى ارتفاع كبير في نسبة البطالة، خاصةً مع الأزمة الاقتصادية العالمية التي أضرت بالأسواق الأوروبية التي تعتمد عليها تونس.
وفي أعقاب تفجر الاحتجاجات، وجه بن علي خطاباً، عبر التلفزيون الرسمي، دعا فيه الشعب إلى "الهدوء"، وتوعد بتطبيق القانون على المشاغبين "بكل حزم"، واصفاً إياهم بـ"المتطرفين المأجورين"، كما وعد بالتمسك بالبعد الاجتماعي والعمل لتوفير فرص وظيفية.