البنت الخجولة: مؤدبة أم دقة قديمة؟

الحياء والبنت مرتبطان على الدوام، فالبنت تحلو بالخجل، والخجل يحلو للبنات،
والحياء مطلوب من الرجل أيضاً، وليس حكراً على الفتاة فقط، وقد تربّينا على أنّ خجل
البنت وحياءها زينة لها، وأن تورد خدّيها عند الخجل يزيدها جمالاً وحسناً.
أما
الآن: إذا قلت لفتاة أمامك يبدو أنك خجولة، فإنك ستجدها تمتعض وتسرع لتنفض عنها حمل
هذه التهمة التي اتّهمتها إياها زوراً وعدواناً.
لكن من جهة أخرى كم تؤثر ثقافة
العيب التي تتشرّبها الفتاة العربية مع حليب أمها على تكريس الخجل لديها وتحويله
أحياناً إلى نوع مرضي؟
أجريت بعض الحوارات لأرى إن كانت فتاة اليوم تفخر
بخجلها، أم أن الخجل صار عملة نادرة بحيث يصدق قول أمي: (اللي استحوا ماتوا؟)


جهينة- سمر أسعد

عيب.. عيب
نبال (19 سنة) مخطوبة تقول: كُتب
كتابي على خطيبي وسنتزوج على العيد، مع ذلك لازلت أخجل منه، ولا أستطيع التصرّف معه
بأريحية تامة، بالرغم من غضبي الداخلي من عدم قدرتي على البوح بمشاعري والتحدث معه
عمّا في داخلي، إلا أني أعتقد أن خجلي هو أحد الصفات التي تُسرُّه مني، عندما أفكر
بسبب خجلي هذا أجده نتيجة طبيعية لكل المحاذير والملاحظات التي يقذفني بها أهلي
يومياً، فممنوع عليّ الجلوس مع خطيبي لوحدنا، وممنوع الخروج معه لأي مكان دون
مرافقة أحد أعضاء الرقابة الداخلية بالأسرة.
وتقول أسماء (22 سنة) طالبة
جامعية: الخجل سمة رائعة خلقها الله في البنت، لكن عندنا البنت محاصرة دوماً بشبح
السمعة والعار والمجتمع والعيب، لذلك في معظم الأحيان يرتبط الخجل بما هو معيب،
ويساعد الأهل والتربية في غرس هذه الحقيقة فيتحول الخجل الفطري بسبب ثقافة العيب
واللاّ إلى عدم ثقة بالنفس وشعور بالنقص والدونية، مثلاً أسمع صوت أمي الآن بداخلي
تقول: (عيب أن تلبسي هذه الثياب، عيب أن تضحكي هكذا، عيب أن تقولي هذا الكلام،
عيب...)

معقّدة وكسولة؟!
إيمان (19 سنة) طالبة جامعية تقول: ما إن يجلس
أحد الزملاء بجانبي في المحاضرة حتى أتوتر وأرتجف، ولا أستطيع النطق بكلمة، وأدعو
الله أن ينتهي وقت المحاضرة بسرعة، قد تضحكون عليّ، لكن خجلي الزائد من الشباب،
سبّب لي مشكلات وسوء فهم من قبل زملائي في الجامعة، فمنهم من يظن أني متكبرة،
وآخرون يرونني معقدة! أواسي نفسي أحياناً، فأقول: ربما هذه نتيجة لكوني قضيت 12 سنة
دراسية دون التعرف على الجنس الآخر سواء في المدرسة أو خارجها، ولكن مع تقدمي في
الحياة الجامعية سأعتاد على مشاركة الشباب والاختلاط معهم دون خوف أو ارتباك.

أما نجلاء فهي طالبة في المرحلة الثانوية تشكو حالتها التي تصفها بأنها تفوق
الخجل، فهي طالبة كسولة بشهادة معلماتها في الصف، لكنها تقول: غالباً ما أعرف
الأسئلة التي تطرح في الصف لكني أخجل، بل أخاف من الخطأ أمام زميلاتي، لذا لا أذكر
أني تجرأت ورفعت يدي لأجيب عن سؤال في الصف.

جريئة ومهذبة
قمة خجل
الفتيات تبدأ في فترة المراهقة عندما يتغير شكل الجسد، وتحدث لهن أشياء جديدة، دون
وجود من يقدّم النصيحة والحقيقة، وفي هذا تقول سهام (23 سنة): أذكر كيف كنت أحني
ظهري عند المشي والوقوف لخجلي من شكلي الجديد، حتى أني في البداية تخلّيت عن حمل
حقيبتي المدرسية على ظهري، وصرت أحمل كتبي دون حقيبة، اليوم عندما أذكر تلك الفترة
أضحك.
وتقول ديمة (25 سنة) طالبة إعلام: لم يعد في حياتنا مكان للفتاة الخجولة،
ورغم ازدراء المجتمع للفتاة ذات الشخصية القوية واعتبارها وقحة أو (مسترجلة) إلا أن
البنت إذا ركنت لخجلها فإنها ستجد نفسها واقفة مكانها والجميع يسبقها ويأخذ حقها
منها، وستفوت عليها فرصاً كثيرة، فالكل اليوم (يطحش)، إن أردتِ أن تركبي السرفيس
مثلاً عليك أن تنسي كونك أنثى وتطحشي، كذلك إذا أردت شراء أي شيء أو حتى أن تحجزي
مقعداً في قاعة المحاضرات بالجامعة.
وتوافقها الرأي منال(22 سنة) فتقول:
المجتمع تغيّر، وصارت الفتاة تدخل الجامعة، وتختلط بالجنس الآخر كيفما اتجهت، في
الشارع والعمل ووسائل النقل.. كما أنها صارت تختص باختصاصات بحاجة إلى جرأة،
كالصحافة والطب والمحاماة، ولم يعد لديها مجال للحرج لأسباب تافهة على نحو ما تعرض
المسلسلات العربية، فكلما قالوا للبنت (ما شاء الله صرتِ عروساً) احمرّ وجهها وهربت
خجلة، وما المخجل في ذلك؟ البنت الجريئة تستطيع أن تكون أنثى ومهذبة أيضاً.


اللي استحوا ماتوا؟
(أم هادي) بدورها تشنّ هجوماً حاداً على فتيات
اليوم، وتتساءل عن أي خجل نتحدث، فتتذكر فخورة على سبيل المثال كيف كانت الفتاة في
أيامها ترقص بكل خفر وحياء، وتكتفي بهزّ يديها بخجل ورزانة، أما الآن انظري إلى رقص
الصبايا كل شيء فيهن يرقص ويهزّ.
وتؤيدها السيدة علا فتقول: صرت أخاف على ابنتي
حيث تأتيني كل يوم وهي تحفظ كل يوم كلمة نابية جديدة، ومعلومة مغلوطة لقّنتها
إحداهن لها، والمستغرب أن فتيات اليوم صرن يتحدثن علناً بمواضيع لازلت أخجل حتى
اليوم من التطرق لها، وكل ذلك بسبب ما تراه الفتاة على الفضائيات ومواقع الانترنت.

أما غنوة (18 سنة) فتقول: في الحقيقة كل ما حولي يدعو للخجل، فإن تغاضينا عن
مظهر الفتيات في الشارع وهن يرتدين نصف ملابسهنّ، نجد التلفزيون يزخر بالمشاهد
الخادشة للحياء، هذا بالإضافة إلى الإعلانات التي صارت تتعاطى مع أكثر الأشياء
والمنتجات خصوصية للإناث مما يجعلني كما يقال: (أذوب في ثيابي خجلاً).


الحياء زينة
الدكتورة قمر الأبرش تقول: إن خجل البنت حالة فطرية خلقها
الله في تكوينها، يسهم في زيادتها أو نقصانها عوامل عديدة منها الأهل ومعاملتهم مع
البنت، ومؤسسات التنشئة الاجتماعية من مدرسة وأقران وكذلك الثقافة البيئية.

أشهر علامات الخجل: إحمرار الوجه وبرودة اليدين وزيادة ضربات القلب، والارتباك
والتلبّك بالكلام، لكن هذه العلامات سرعان ما تزول مع زوال الموقف الغريب المؤدي
للخجل والذي هو غالباً الجنس الآخر لأن أسلوب تربيتنا يجعل كل جنس يجهل الجنس
الآخر.
والخجل إذا ظلّ في حدوده الطبيعية فهو مطلوب، بل هو موضة محمودة في
مجتمعنا الشرقي لذلك نجد بعض الفتيات يستخدمن الخجل كأسلوب دفاعي للتهرب من بعض
المهام والمشكلات التي تواجههن، لكن لا بد من التذكير أن الخجل إذا زاد عن حدّه
الطبيعي أدى إلى حالات من الخوف والاكتئاب والانطواء على الذات واستلزم العلاج،
كنتيجة لأساليب التربية الخاطئة كالإهمال أو التسلط أو الحماية الزائدة، وهذه
الأساليب ذاتها قد يكون لها مردود عكسي هو الوقاحة بدلاً من الخجل، لذا لا بدّ من
تربية الفتاة بطريقة تضمن لها شخصية قوية وجرأة واستقلالية في اتخاذ القرارات مع
الاحتفاظ بالحياء الذي هو زينة البنت.

قلب المنتدى نانسي

حقا والله أن جمال البنت يكمن في حيائها ، فالبنت الحيية تظهر جمال شخصيتها وروحها ، فكان النبي صلى اللهعليه وسلم أكثر من العذراء في خضرها حياءًا ، وقال صلى الله عليه وسلم : } الحياء شعبة من شعب الإيمان { ، بس يا رب كل بنت تترك نفسها على طبيعتها إلي خلقها الله عليها كأنثى خجولة مهذبة واللهي هذه فطرة وللاسف جميع الأنثيات يضيعنها ، فلا حول ولا قوة إلا بالله ، تسلم إيدك والله ، موضوع روعة ا