إذا كانت الناس تهاجر لتحصيل المال أو طلب الرئاسة فإن محمد صلى الله عليه وسلم عرض عليه قومه كل ما يتمناه طلاب الدنيا لكنه أباها، فكانت هجرته لإعلاء كلمة الله ورحمة العالمين بإيصال رسالة الله إليهم والتي تمثل المنهج الذي فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة.
هذا الدرس الأول الذي يستخلصه الشيخ محمود المصري في حلقة خاصة بالهجرة عنوانها "أجمل هجرة في التاريخ"، وهذا الدرس يتضح تماماً في الهجرة النبوية الاولى إلى الطائف، حيث ترك النبي مكة وعروض قريش السخية وراء ظهره ولمن يكن له من هم إلا تبليغ كلمة ربه للبشرية، ومع الاستقبال السيء بامتياز لأهل طائف لسيد ولد آدم فإنه استمر في دعوة الناس والدم يسيل منه فدعا كل من مر في الطريق وقصة الفتى عداس تشهد بهذا.
وفي رسائل سريعة وقف الشيخ على دلالات ما بعد رحلة الطائف حتى الهجرة النبوية المباركة إلى المدينة المنورة ويمكن تلخيصها في النقاط التالية:
في رحلة الإسراء رسالة للنبي صلى الله عليه وسلم من ربه: إن كان أهل الأرض لم يعرفوا قدرك فاقدم علينا لتعرف قدرك العظيم، وقد بلغ في رحلة الإسراء سدرة المنتهى وهي مكان لم يبلغ ملك مقرب فضلا أن يبلغه بشر قبل سيد البشر عليه السلام.
في الهجرة النبوية تخطيط دقيق، يدفع كل مسلم للأخذ بالأسباب وبذل كل الوسع والطاقة في إنجاح شؤونه الدينية والدنيوية.
أبوبكر الصديق رضي الله عنه أظهرت الهجرة النبوية أنه بلغ عند نبي الله شأنا لم يبلغه أحد من البشر، ولذلك قال عمر رضي الله عنه لما قارن الناس بينه وبين الصدّيق، ليلة من ليالي أبي بكر خير من عمر وآل عمر، وكان يقصد ليلة الغار.
المشركون يلاحقون النبي من كل جهة وسراقة يدركه طمعاً في مائة من النوق جعلتها قريش لمن يأت بمحمد، والنبي يعلم أن الله لن يضيعه، ويثق بوعد الله ونصره فها هو يعد سراقة بن مالك بسواري كسرى، ولأن كسرى يعلم صدق محمد فإنه يقبل بهذه الصفقة مع أنه لم يدخل في الإسلام، وفعلاً تحقق الوعد النبوي لسراقة عندما ناداه عمر بعد سقوط ملك كسرى وأعطاه سواري كسرى وكان سراقة قد أسلم بعد فتح مكة.
ويختم الشيخ محمود المصري بصور من الهجرة الماضية إلى يوم القيامة يمكن لكل مسلم ومسلمة القيام بها، فمن تتمسك بالحجاب الشرعي السليم مع أن فتيات هذا الزمان تركن هذه الفريضة ومن قامت بها أفسدت مقصدها باتباع الموضة وما يصف مما يسمى حجابا، مثل هذه تعتبر مهاجرة.
ومن يحافظ على صلواته في جماعة وخصوصا صلاة الفجر والناس معظمهم نيام مهاجر إلى الله.
وكل متمسك بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم والناس قد هجروها هو مهاجر إلى الله ورسوله. وهكذا فإن كل مسلم بوسعه نيل فضل وأجر الهجرة بالفرار إلى الله تعالى.