أعلنت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما سوف تضاعف من جهودها في محاولة للتفاوض علي الخطوط العريضة لاتفاق سلام نهائي بين الإسرائيلييني اعتراف ضمني بأن المحادثات المباشرة التي بدأت وسط ضجة إعلامية كبيرة قبل ثلاثة أشهر فقط قد فشلت في الوصول إلي اتفاق بين الجانبين.
وقالت كلينتون إن الولايات المتحدة ستواصل الدفع باتجاه محادثات سلام مباشرة, مؤكدة أن تحقيق دولة فلسطينية عن طريق التفاوض أمر لا مفر منه نتيجة ما سمته ب الاتجاهات السكانية الناجمة عن الاحتلال في المدي الطويل التي سوف تعرض للخطر الرؤية الصهيونية لدولة يهودية ديمقراطية.
وأضافت كلينتون أن إدارة أوباما تهدف إلي التركيز علي القضايا الجوهرية في المستقبل القريب, بما في ذلك الحدود والأمن والمستوطنات والمياه واللاجئين, والقدس.
وأوضحت الوزيرة الأمريكية- في خطاب أمام منتدي سابان السنوي بواشنطن- أن الإدارة سوف تنتهج دبلوماسية متوازية بين الجانبين- دون أن يلتقيا وجها لوجه- أملا في التوصل لحلول لقضايا الوضع النهائي في الوقت الذي أوضحت أن الولايات المتحدة لا تزال تعارض توسيع المستوطنات اليهودية في المناطق الفلسطينية دون الإصرار علي طلب تجميد الاستيطان.
وقالت مصادر أمريكية إن الخطة الجديدة تخلت عن عناصر رئيسية في توجهات إدارة الرئيس باراك أوباما للحل في الشرق الأوسط والتي دعت بموجبها إلي عودة المحادثات المباشرة في مطلع سبتمبر الماضي. وأشارت كلمة كلينتون إلي التراجع الأمريكي عن طرح رؤية جديدة متكاملة مثلما وصفت الدبلوماسية الأمريكية ما سوف تطرحه الوزيرة أمام المنتدي السنوي للعلاقات الأمريكية- الإسرائيلية وقالت سنعمل علي تضييق الفجوات, وطرح أسئلة صعبة ونتوقع إجابات موضوعية, وقالت كلينتون- أمام حشد كبير بحضور وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك وزعيمة المعارضة الإسرائيلية تسيبي ليفني ورئيس الوزراء الفلسطيني د.سلام فياض- إن الولايات المتحدة ستتحاور مع الطرفين بشكل غير معلن, وسوف تطرح أفكارا ومقترحات عند الضرورة وتأمل أن تجد أرضية مشتركة تؤدي في نهاية المطاف إلي استئناف المفاوضات المباشرة والتوصل إلي اتفاق إطار. ومن إشارات النهج الجديد, حملت المسئولة الأمريكية الجانبين مسئولية إحراز تقدم في عملية السلام وقالت علي القيادات الفلسطينية أن تظهر لشعبها أن الاحتلال لن يدوم للأبد ودعت إلي الاتفاق علي ما سمته خط واحد مرسوم علي الخريطة يفصل إسرائيل عن فلسطين. وقالت إن إدارة أوباما لن تفقد الأمل ولن تكون شريكا سلبيا, وستواصل الضغط من أجل التوصل إلي حل مشيرة إلي أن الأطراف لم تقدم بعد علي اتخاذ قرارات صعبة من أجل السلام.
كما ألمحت كلينتون إلي اختلاف الإدارة الأمريكية مع موقف بنيامين نيتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي من أن بلاده ينبغي أن تكون قادرة علي الحفاظ علي وجودها في بعض المناطق الفلسطينية, مثل وادي الأردن.حيث دعت إلي اعتبار المستوطنات مسألة يجب أن يتم التعامل معها جنبا إلي جنب مع قضايا الوضع النهائي الأخري.
وفي كلمته عقب كلينتون, أكد ايهود باراك وزير الدفاع الإسرائيلي أن إسرائيل تفهم أن حل الدولتين هو الخيار الوحيد وقال إن العالم يتغير أمام أعيننا ولم يعد علي استعداد لقبول, ولو مؤقتا, استمرار سيطرتنا علي شعب آخر, وأضاف دولتان لشعبين هو الطريق الوحيد الحقيقي للصهيونية اليوم.
وقد التقت كلينتون بكبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات وزعيمة المعارضة الإسرائيلية تسيبي ليفني ومبعوث الأمم المتحدة الخاص تيري رود لارسن وباراك وسلام فياض علي هامش مشاركتهم في اجتماعات منتدي سابان بمؤسسة بروكنجز للأبحاث. وعقب محادثاته مع كلينتون, أمس الأول, حمل كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات الحكومة الإسرائيلية مسئولية انهيار المحادثات وقال ان الفلسطينيين سيواصلون التشاور مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية بشأن كيفية المضي قدما. وأضاف إن إسرائيل مسئولة عن انحراف عملية السلام وكان يستوجب علي الحكومة الإسرائيلية الاختيار بين المستوطنات والسلام واختاروا المستوطنات. وقد حضر السفير المصري في واشنطن سامح شكري حفل العشاء الذي ألقت خلاله هيلاري كلينتون خطابها.
ومن رام الله- خالد الاصمعي:
قال الدكتور واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية إن واشنطن تحاول أن تقوم بإدارة الأزمة الحالية من خلال دعوة مندوبين فلسطينيين وإسرائيليين للقاء في واشنطن, بهدف التباحث في حل الأزمة الراهنة, مشيرا إلي محاولة الإدارة الأمريكية التوصل إلي اتفاق إطار مماثل لاتفاق أوسلو يتم تنفيذه علي مدار السنوات المقبلة. وعقدت اللجنة السياسية المنبثقة عن اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أمس الاول جلسة طارئة في رام الله في إطار التباحث في المستجدات السياسية الأخيرة وأوضح أبو يوسف أن اللجنة السياسية تبحث في خيارات وبدائل السلطة الفلسطينية في ظل تعثر المفاوضات وخاصة خيار الذهاب إلي مجلس الأمن الدولي علي أساسين وهما عدم شرعنة الاستيطان الإسرائيلي ودعوة حكومة نيتانياهو إلي ضرورة وقف أعمال البناء في المستوطنات والتأكيد علي الاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف. وأشار أبو يوسف إلي أن واشنطن سترسل المبعوث الأمريكي جورج ميتشل إلي المنطقة غدا للتباحث مع مسئولي السلطة حول إمكانية استئناف المفاوضات ومواصلة مساعيها في سبيل التوصل إلي إطار زمني من شأنه أن يتخطي أزمة المفاوضات الحالية. ومن المقرر أن ميتشل سيزور أيضا دولا عربية وفي سياق متصل أكدت كاثرين اشتون المتحدثة باسم المنسقة العليا للسياسة الخارجية الأوروبية أمس أنها تلقت رسالة من القادة الـ26 السابقين في دول الاتحاد الأوروبي يناشدون أوروبا أن ترقي إلي مستوي التزاماتها وتتخذ تدابير ملموسة وحازمة ضد إسرائيل. والفلسطينيين من خلال محادثات غير مباشرة.