واصل موقع ويكيليكس كشفه عن المزيد من الأسرار الدبلوماسية العالمية, وكان أحدث ما كشف وثائق تتعلق بالرئيس اليمني علي عبد الله صالح والزعيم الليبي معمر القذافي.
صورة توضح موقع ويكيليكس الجديد على الانترنت مع صورة مؤسسه جوليان أسانج
فبالنسبة لليمن, وجه ويكيليكس ضربة موجعة لتحالف الإدارة الأمريكية مع حكومة الرئيس اليمني علي عبد الله صالح حيث نشر برقيات دبلوماسية اعترف فيها الرئيس اليمني بأنه لم يكن صادقا مع شعبه فيما يتعلق بالهجمات الصاروخية الأمريكية علي ما وصف بـمعاقل القاعدة في اليمن التي جرت في ديسمبر من العام الماضي.
وكان صالح قد تحدث عن هذه الهجمات باعتبارها عمليات قامت بها القوات اليمنية بدعم من المخابرات الأمريكية, وأوضحت إحدي الوثائق أن صالح قال للجنرال ديفيد بيترايوس قائد القيادة المركزية الامريكية:سنواصل القول بأن هذه القنابل قنابلنا وليست قنابلكم.
كما كشفت برقيات دبلوماسية أخري عن أن الرئيس اليمني عرض سرا حرية دخول القوات الامريكية لبلاده لشن هجمات ضد أهداف للقاعدة.
وذكرت تقارير نشرتها صحيفتا الجارديان البريطانية ونيويورك تايمز الأمريكية أن صالح قال لجون برينان نائب مستشار الامن القومي للرئيس الامريكي باراك أوباما في سبتمبر 2009: منحتكم بابا مفتوحا بشأن الارهاب.. ومن ثم لست مسئولا.
كما كشفت وثيقة دبلوماسية أمريكية سربت إلي موقع ويكيليكس عن أن الولايات المتحدة كانت تشتبه في 2009 بأن اليمن أخفي عنها وجود مخزون من الصواريخ المحمولة المضادة للطائرات لديه.
وعن الزعيم الليبي معمر القذافي, أوضحت برقيات مسربة من السفارة الامريكية نشرها ويكيليكس أنه أثار ذعرا نوويا لمدة شهر في عام 2009 عندما أجل عودة مواد نووية مشعة الي روسيا, حيث كان يستعد لترك يورانيوم عالي التخصيب بدون حماية عقب خلاف مع الامم المتحدة.
وأشارت الوثائق إلي أن الدبلوماسيين الأمريكيين أبقوا هذا الحادث طي الكتمان بسبب الخوف من سرقة 2.5 كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب نتيجة إجراءات الأمن السيئة عند منشأة تاجوراء النووية الليبية القريبة من طرابلس. وكان من المقرر نقل سبع حاويات من الوقود النووي المستنفد إلي روسيا للتخلص منها في طائرة نقل متخصصة في نوفمبر 2009 في إطار تعهد القذافي بالتخلي عن برنامج اسلحة الدمار الشامل الليبي. ولكن بدلا من ذلك رفضت ليبيا إعطاء إذن وأقلعت الطائرة الروسية دون شحنتها تاركة البراميل في مدرج المطار في تاجوراء تحت حراسة رجل أمن واحد.وجاء هذا الموقف المفاجيء بعد ان شعر القذافي بالاهانة لأسلوب معاملته اثناء زيارة لنيويورك لإلقاء كلمة أمام الأمم المتحدة قبل شهرين بعد أن رفضت بلدية نيويورك طلبه بنصب خيمة أمام مبني الأمم المتحدة في نيويورك ومن زيارة موقع هجمات11 سبتمبر 2001. كما كشفت مذكرات دبلوماسية أمريكية نشرها ويكيليكس عن أن الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة كان يري في 2007 أن فرنسا لم تقبل فعليا يوما للاستقلال الجزائري وتحاول تصفية حساباتها مع الجزائر عبر دعم المغرب. كما رأي بوتفليقة أن الفرنسيين ونظرا لتاريخهم الاستعماري في المغرب لا يستطيعون لعب دور بناء في النزاع في الصحراء الغربية.
ولكن, في أول شهادة إيجابية رسمية من زعيم عربي لصالح موقع ويكيليكس, قال الزعيم الليبي: أنا مع الحرية, وضد حجب الأفكار, وموقع ويكيليكس مفيد في كشف المناورات والأكاذيب وما يجري خلف الكواليس ضد الشعوب, وفضح النفاق العالمي والضحك فوق الطاولة بينما الأيادي تلدغ وتلسع تحتها.
وحذر القذافي- الذي كان يتحدث من طرابلس إلي أعضاء هيئة التدريس وطلبة كلية لندن للاقتصاد عبر دائرة تليفزيونية مغلقة- من استغلال الموقع من أجل أهداف مغرضة.
ومن جانب آخر, أكدت كل من السعودية والبحرين أمس أن الوثائق التي كشف عنها ويكيليكس ليس لها تأثير علي حلفاء واشنطن في دول الخليج العربية لأن من الواضح أن البرقيات لا تعكس السياسة الرسمية الامريكية, وأشارا في مناقشة بمؤتمر أمني خليجي إلي انه يتعين انتظار نشر جميع البرقيات التي حصل عليها الموقع.
وقال الرئيس السابق للمخابرات السعودية الامير تركي الفيصل في مناقشة بمؤتمر حوار المنامة الذي ينظمه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية ومقره بريطانيا إن ما كشفه ويكيليكس مجرد تسريبات لا بيانات رسمية. كما أشار وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن احمد الخليفة إلي أن البرقيات ألقت الضوء علي تفكير الدول العربية.. وبينما استمر موقعه في الكشف عن الجانب الخفي من الدبلوماسية الأمريكية, واصل جوليان أسانج مؤسس ويكيليكس كفاحه من أجل استمرار عمله علي الإنترنت عقب إصدار السلطات السويدية أمرا جديدا باعتقاله, إضافة إلي تعرض الموقع لسلسلة من هجمات القرصنة دفعت أسانج إلي اللجوء لسويسرا التي نقل أسانج عنوان موقعه إليها بعدما توقفت شركتان امريكيتان لخدمات الانترنت عن استضافته علي خوادمها.
ومن باريس- حازم فودة: استمرت متاعب ويكيليكس الإليكترونية بعد أن منعت السلطات الفرنسية استضافة قاعدة بيانات الموقع علي الخدمات الفرنسية, وطالب إريك بيسون وزير الصناعة الفرنسي حكومته بدراسة الأسلوب الذي يمكن اعتماده لحظر استضافة موقع ويكيليكس في فرنسا.
ولم تقتصر متاعب المراوغ أسانج علي البحث عن مكان لاستضافة موقعه, حيث قدم ثلاثة أعضاء بمجلس الشيوخ الامريكي مشروع قانون يهدف إلي السماح للسلطات الأمريكية بملاحقته واعتبار الإعلان عن هويات جواسيس الجيش الأمريكي أو وكالات المخابرات جريمة.
في هذه الأثناء واصلت وزيرة الخارجية الامريكية اتصالاتها بنظرائها في عدد من دول العالم من أجل تهدئة القلق بعد نشر وثائق ويكيليكس. وأكدت هيلاري أمس أنها تنوي متابعة هذا المسعي علي مدي الأسابيع المقبلة.
وفي روما, كشف استطلاع للرأي أن غالبية الايطاليين %64 يعتبرون جوليان أسانج مؤسس موقع ويكيليكس روبن هود الألفية الثالثة, حيث يرونه علي أنه فاعل خير ومنقذ الفقراء من براثن شراهة الاغنياء في الألفية الثالثة.
وأوضح الاستطلاع الذي أجراه موقع أفارايتاليا بالاشتراك مع مؤسسة إس.دبليو.جي الايطالية التي تعني بالاستبيانات والبحوث في مجال السوق أن %36 فقط من الفئة المستطلعة آراؤها تعتبر أسانج محتالا في عصر المعلوماتية.